ويؤيد الأول أو يدل عليه اعتبار التراضي من الطرفين فيها حتى في القسمة الإجبارية ، لأن الحاكم ولي الممتنع فيقوم رضاؤه مقام رضائه.
لكنه كما ترى ، إذ مجرد اعتبار التراضي لا يدل على كون المعتبر فيه عقدا ، لان كل عقد يعتبر فيه الرضا لا أن كل اعتبار رضاء يخص بالعقد ، والأمر فيه سهل ، وانما الكلام في سببها وما تحصل به ، فان فيه أقوالا ثلاثة : الأول حصولها بمجرد التراضي من دون قرعة ، والثاني اعتبار القرعة مطلقا ، والثالث القرعة المتعقبة بالرضا المتأخر.
( واستدل على الأول ) بعموم « الناس مسلطون على أموالهم » (١) وقوله « لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيب نفسه » (٢) ، وقد أوضحنا ضعف الاستدلال بهما في أمثال المقام مرارا وقلنا : ان تعميم جهات السلطنة لا ينافي إناطة التصرف بسبب خاص ، فلو قال المولى « أنت مسلط على مالك وافعل ما شئت من البيع والصلح والهبة ونحوها » ثمَّ قال « لا يتحقق النقل والانتقال الا بسبب خاص كالصيغة العربية » لم يكن ذلك منافيا لقوله الأول ، لأن مقابل السلطنة العامة الحجر على بعض التصرفات ، والاقتصار في سبب النقل على شيء خاص ليس فيه رائحة الحجر في التصرف كما لا يخفى.
وأما الاستدلال بالأخير فهو أضعف ، لأن مفاده مدخلية طيب النفس في الحل ، وهذا لا ينافي اعتبار شيء آخر معه من عقد أو لفظ أو نحو هما ، لان مفاد مثل هذا الكلام ليس كون المستثنى علة تامة ، بل نظير قوله صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) بحار الأنوار ٢ / ٢٧٢ الطبعة الحديثة.
(٢) الوسائل ج ٣ ب ٣ من أبواب مكان المصلى بلفظ « لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفس منه ».