الطلاق ولم يقل فيه أحد بكفاية شاهد ويمين ، ولو قرءا قوله تعالى « وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ » (١) كان أحسن ، وحينئذ فالجواب : أولا ما أشار إليه الإمام بطريق الإنكار والرد ، أعني عدم دلالتها على عدم قبول شاهد ويمين. وثانيا ان الأمر في هذه الآية للإرث أولان ترك الاشهاد في معرض الوقوع في النزاع ، فلا مساس له بالمقام أعني عدم جواز القضاء بالشاهد واليمين.
فان قلت : لو كان هذا كافيا لما كان وجه لاعتبار التعدد في الشاهد ، إذ الشاهد الواحد حينئذ يكفي في الفرار عن خوف ذهاب الحق.
قلنا : أولا ان التعدد في الشاهد يمنع من إنكار المشهود عليه دون الوحدة ، وثانيا ان التعدد آكد في مقام إلزام الخصم ، فيكون ذكره في مقام الإرشاد أولى مما هو دونه في الإلزام ـ أعني الشاهد.
ثمَّ قال عليهالسلام : ان عليا « ع » كان قاعدا في مسجد الكوفة فمر به عبد الله ابن قفل التميمي ومعه درع طلحة ، فقال له علي : هذه درع طلحة أخذ يوم البصرة غلولا. فقال له عبد الله بن قفل : فاجعل بيني وبينك قاضيك الذي نصبته للمسلمين ، فجعل بينه وبينه شريحا ، فقال له علي عليهالسلام : هذه درع طلحة أخذت غلولا يوم البصرة. فقال له شريح : هات على ما تقول بينة. فأتاه بالحسن « ع » فشهد أنها درع طلحة أخذت غلولا يوم البصرة فقال : هذا شاهد ولا أقضي بشهادة واحد حتى يكون معه آخر. قال : فدعا قنبرا فشهد أنها درع طلحة أخذت غلولا يوم البصرة ، فقال شريح : هذا مملوك ولا أقضي بشهادة مملوك. قال : فغضب « ع » وقال : خذها فان هذا قضى بالجور ـ ثلاث مرات ـ فقال له : ويلك أو ويحكم اني لما أخبرتك أنها درع طلحة أخذت غلولا يوم البصرة
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٧٢.