من دور مزخوفة ، وقصور مشيدة ، وحجر منجدة ، فجعل في ضريح ملحود ، ضيق موسود ، بلبن منضود ، مسقف بجلمود ، وهيل عليه عفره ، وحثي مدره فتحقق حذره ، ونسي خبره ، ورجع عنه وليه وصفيه ، ونديمه ونسيبه وتبدل به قرينه وحبيبه ، فهو حشو قبر ، ورهين قفر ، يسعى في جسمه دود قبره ، ويسيل صديده على صدره ونحره ، وتستحق تربته لحمه ، وتنشف دمه ويرم عظمه ، حتى يوم حشره ، فينشر من قبره ، وينفخ في صوره ، ويدعى لحشره ونشوره ، فثم بعثرت قبور ، وحصلت سريرة صدور ، وجيء بكل نبي وصديق وشهيد ، وقصد للفصل بعبده خبير بصير ، فكم زفرة تغنيه ، وحسرة تفضيه ، في موقف مهيل ، ومشهد جليل ، بين يدى ملك عظيم ، بكل صغيرة وكبيرة عليم ، حينئذٍ يلجمه عرقه ، ويحفز قلقه ، عبرته غير مرحومة وضرعته غير مسموعة ، وحجته غير مقبولة ، تنشر صحيفته ، وتبين جريرته حين نظر في سوء عمله ، وشهدت عينه بنظره ، ويده ببطشه ، ورجله بخطوه وفرجه بلمسه ، وجلده بمسه ، وتهدده منكر ونكير ، فكشف له عن حنث يسير ، فسلسل جيده ، وغلغل يده ، وسيق بسحب وحدّة ، فورد جهنم بكرب وشدة ، فظل يعذب في جحيم ، ويسقى شربة من حميم ، يشوى وجهه ويسلخ جلده ، يضربه ملك بمقمع من حديد ، يعود جلده بعد نضجه كجلد جديد ، فيستغيث فيعرض عنه خزنة جهنم ، ويستصرخ فلم يجب ، ندم حيث لم ينفعه ندم ، فيلبث حقبة ، نعوذ برب قدير ، من شر كل مصير ، ونسأله عفو من رضي عنه ، ومغفرة من قبل منه ، فهو ولي مسألتي ، ومنجح طلبتي فمن زحزح عن تعذيب ربه ، جعل في جنته بقربه ، وخلد في قصور مشيدة وملك حور عين وحفدة ، وطيف عليه بكؤس ، وسكن حظيرة قدس في فردوس ، وتقلب في نعيم ، وسقى من تسنيم ، وشرب من عين سلسبيل قد مزج بزنجبيل ، ختم بمسك وعنبر ، مستديم للملك مستشعر ، للشعور يشرب من خمور ، في روض مغدق ليس ينزف في شربه ، هذه منزلة من خشى ربه ، وحذر نفسه ، وتلك عقوبة من عصى منشيه ، وسولت له نفسه معصيته لهو قول فصل ، وحكم عدل ، خير قصص قص ، ووعظ