وقال تعالى : ( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ ) الآية : « النساء : ٩ » ، إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى : « إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً » الرقيب الحفيظ والمراقبة المحافظة ، وكأنه مأخوذ من الرقبة بعناية أنهم كانوا يحفظون رقاب عبيدهم ، أو أن الرقيب كان يتطلع على من كان يرقبه برفع رقبته ومد عنقه ، وليس الرقوب مطلق الحفظ بل هو الحفظ على أعمال المرقوب من حركاته وسكناته لإصلاح موارد الخلل والفساد أو ضبطها ، فكأنه حفظ الشيء مع العناية به علما وشهودا ولذا يستعمل بمعنى الحراسة والانتظار والمحاذرة والرصد ، والله سبحانه رقيب لأنه يحفظ على العباد أعمالهم ليجزيهم بها ، قال تعالى : ( وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ) : « سبأ : ٢١ » ، وقال : ( اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ) : « الشورى : ٦ » ، وقال : ( فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ ) : « الفجر : ١٤ ».
وفي تعليل الأمر بالتقوى في الوحدة الإنسانية السارية بين أفراده وحفظ آثارها اللازمة لها ، بكونه تعالى رقيبا أعظم التحذير والتخويف بالمخالفة ، وبالتدبر فيه يظهر ارتباط الآيات المتعرضة لأمر البغي والظلم والفساد في الأرض والطغيان وغير ذلك ، وما وقع فيها من التهديد والإنذار ، بهذا الغرض الإلهي وهو وقاية الوحدة الإنسانية من الفساد والسقوط.
(كلام في عمر النوع الإنساني والإنسان الأولي)
يذكر تاريخ اليهود أن عمر هذا النوع لا يزيد على ما يقرب من سبعة آلاف سنة والاعتبار يساعده فإنا لو فرضنا ذكرا وأنثى زوجين اثنين من هذا النوع وفرضناهما عائشين زمانا متوسطا من العمر في مزاج متوسط في وضع متوسط من الأمن والخصب والرفاهية ومساعدة سائر العوامل والشرائط المؤثرة في حياة الإنسان ثم فرضناهما وقد تزوجا وتناسلا وتوالدا في أوضاع متوسطة متناسبة ثم جعلنا الفرض بعينه مطردا فيما أولدا من البنين والبنات على ما يعطيه متوسط الحال في جميع ذلك وجدنا ما فرضناه من العدد أولا وهو اثنان فقط يتجاوز في قرن واحد ( رأس المائة ) الألف أي إن كل نسمة يولد في المائة سنة ما يقرب من خمس مائة نسمة.