٨ ـ الوصية : قد تقدم أن الإسلام أخرج الوصية من تحت الوراثة وأفردها عنوانا مستقلا لما فيها من الملاك المستقل وهو احترام إرادة المالك بالنسبة إلى ما يملكه في حياته ، وقد كانت الوصية بين الأمم المتقدمة من طرق الاحتيال لدفع الموصي ماله أو بعض ماله إلى غير من تحكم السنة الجارية بإرثه كالأب ورئيس البيت ولذلك كانوا لا يزالون يضعون من القوانين ما يحدها ويسد بنحو هذا الطريق المؤدي إلى إبطال حكم الإرث ولا يزال يجري الأمر في تحديدها هذا المجرى حتى اليوم.
وقد حدها الإسلام بنفوذها إلى ثلث المال فهي غير نافذة في الزائد عليه ، وقد تبعته في ذلك بعض القوانين الحديثة كقانون فرنسا غير أن النظرين مختلفان ، ولذلك كان الإسلام يحث عليها والقوانين تردع عنها أو هي ساكتة.
والذي يفيده التدبر في آيات الوصية والصدقات والزكاة والخمس ومطلق الإنفاق أن في هذه التشريعات تسهيل طريق أن يوضع ما يقرب من نصف رقبة الأموال والثلثان من منافعها للخيرات والمبرات وحوائج طبقة الفقراء والمساكين لتقرب بذلك الطبقات المختلفة في المجتمع ، ويرتفع الفواصل البعيدة من بينهم ، وتقام به أصلاب المساكين مع ما في القوانين الموضوعة بالنسبة إلى كيفية تصرف المثرين في ثروتهم من تقريب طبقتهم من طبقة المساكين ، ولتفصيل هذا البحث محل آخر سيمر بك إن شاء الله تعالى
* * *
( وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ـ ١٥. وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً ـ ١٦. )
(بيان)
قوله تعالى : « وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ » إلى قوله : « مِنْكُمْ » يقال : أتاه وأتى به