والثلث من المجموع دون مثل النصف والثلثين ، ولذا قال تعالى : ( السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ ) ، وقال : ( فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ) ، وقال : ( فَلَكُمُ الرُّبُعُ ) بالقطع عن الإضافة في جميع ذلك ، وقال : ( وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ ) ، وقال : ( فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ ) بالإضافة ، وقال : ( فَلَهَا النِّصْفُ ) أي نصف ما ترك فاللام عوض عن المضاف إليه.
قوله تعالى : « وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ » إلى آخر الآية أصل الكلالة مصدر بمعنى الإحاطة ، ومنه الإكليل لإحاطته بالرأس ومنه الكل ـ بضم الكاف ـ لإحاطته بالأجزاء ، ومنه الكل ـ بفتح الكاف ـ لنوع إحاطة منه ثقيلة على من هو كل عليه ، قال الراغب : الكلالة اسم لما عدا الولد والوالد من الورثة ، قال : وروي : أن النبي صلىاللهعليهوآله سئل عن الكلالة ـ فقال : من مات وليس له ولد ولا والد فجعله اسما للميت ، وكلا القولين صحيح فإن الكلالة مصدر يجمع الوارث والموروث جميعا ، انتهى.
أقول : وعلى هذا فلا مانع من كون كان ناقصة ورجل اسمها ويورث وصفا للرجل وكلالة خبرها والمعنى : وإن كان الميت كلالة للوارث ليس أبا له ولا ابنا. ويمكن أن يكون كان تامة ورجل يورث فاعله وكلالة مصدرا وضع موضع الحال ، ويئول المعنى أيضا إلى كون الميت كلالة للورثة ، وقال الزجاج على ما نقل عنه : من قرأ يورث ـ بكسر الراء ـ فكلالة مفعول ، ومن قرأ يورث ـ بفتح الراء ـ فكلالة منصوب على الحال.
وقوله : غير مضار منصوب على الحال ، والمضارة هو الإضرار وظاهره أن المراد به الإضرار بالدين من قبل الميت كان يعتمل بالدين للإضرار بالورثة وتحريمهم الإرث ، أو المراد المضارة بالدين كما ذكروا بالوصية بما يزيد على ثلث المال.
قوله تعالى : « تِلْكَ حُدُودُ اللهِ » إلى آخر الآيتين الحد هو الحاجز بين الشيئين الذي يمنع اختلاط أحدهما بالآخر وارتفاع التمايز بينهما كحد الدار والبستان ، والمراد بها أحكام الإرث والفرائض المبينة ، وقد عظم الله أمرها بما ذكر في الآيتين من الثواب على إطاعته وإطاعة رسوله فيها والعذاب الخالد المهين على المعصية.
(كلام في الإرث على وجه كلي)
هاتان الآيتان أعني قوله تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ ) إلى آخر الآيتين ، والآية