وإنما قالوا ذلك لما سمعوا أمثال قوله تعالى : ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً ) الآية : « البقرة : ٢٤٥ » ويشهد بذلك بعض الشهادة اتصاله بالآية السابقة : ( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ) ، الآية.
أو أنهم قالوا ذلك لما رأوا فقر عامة المؤمنين وفاقتهم ، فقالوا ذلك تعريضا بأن ربهم لو كان غنيا لغار لهم وأغناهم فليس إلا فقيرا ونحن أغنياء.
قوله تعالى : « سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ » الآية ، المراد بالكتابة الحفظ والتثبيت أو الكتابة في صحائف أعمالهم ، والمآل واحد ، والمراد بقتل الأنبياء بغير حق القتل على العرفان والعمد دون السهو والخطإ والجهالة ، وقد قارن الله قولهم هذا بقتلهم الأنبياء لكونه قولا عظيما ، وقوله : ( عَذابَ الْحَرِيقِ ) ، الحريق النار أو اللهب وقيل : هو بمعنى المحرق.
قوله تعالى : « ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ » الآية ، أي بما قدمتم أمامكم من العمل ونسب إلى الأيدي لأنها آلة التقديم غالبا ، وقوله : ( وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ) عطف على قوله : ( بِما قَدَّمَتْ ) ، وتعليل للكتابة والعذاب ، فلو لم يكن ذلك الحفظ والجزاء لكان إهمالا لأمر نظام الأعمال وفي ذلك ظلم كثير بكثرة الأعمال فيكون ظلاما لعباده تعالى عن ذلك.
قوله تعالى : « الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا » الآية ، نعت للذين قبله والعهد هو الأمر ، والقربان ما يتقرب به من النعم وغيره ، وأكل النار كناية عن إحراقها ، والمراد بقوله : ( قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي ) ، أمثال زكريا ويحيى من أنبياء بني إسرائيل المقتولين بأيديهم.
قوله تعالى : « فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ » الآية ، تسلية للنبي صلىاللهعليهوآله في تكذيبهم له ، والزبر جمع زبور وهو كتاب الحكم والمواعظ ، وقد أريد بالزبر والكتاب المنير مثل كتاب نوح وصحف إبراهيم والتوراة والإنجيل.
قوله تعالى : « كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ » ، الآية تتضمن الوعد للمصدق والوعيد للمكذب وقد بدأ فيها بالحكم العام المقضي في حق كل ذي نفس ، والتوفية هو الإعطاء الكامل ، وقد استدل بعضهم بالآية على ثبوت البرزخ لدلالتها على سبق بعض الإعطاء