واحترامها والبلوغ في الخضوع لها ما يمثل لك وثنية العهود الأولى والإنسان الأولي. على أن اليوم من الوثنية على ظهر الأرض ما يبلغ مئات الملايين قاطنين في شرقها وغربها.
ومن هنا يتأيد بحسب الاعتبار أن تكون الوثنية مبتدئة بين الناس باتخاذ تماثيل الرجال العظماء ونصب أصنامهم وخاصة بعد الموت ليكون في ذلك ذكرى لهم ، وقد ورد في روايات أئمة أهل البيت ما يؤيد ذلك ففي تفسير القمي ، مضمرا وفي علل الشرائع ، مسندا عن الصادق عليهالسلام : في قوله تعالى : « وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ » الآية ، قال : كانوا يعبدون الله عز وجل فماتوا ـ فضج قومهم وشق ذلك عليهم ـ فجاءهم إبليس لعنه الله وقال لهم : أتخذ لكم أصناما على صورهم ـ فتنظرون إليهم وتأنسون بهم وتعبدون الله ، فأعد لهم أصناما على مثالهم فكانوا يعبدون الله عز وجل ـ وينظرون إلى تلك الأصنام ، فلما جاءهم الشتاء والأمطار أدخلوا الأصنام البيوت ـ.
فلم يزالوا يعبدون الله عز وجل حتى هلك ذلك القرن ـ ونشأ أولادهم فقالوا : إن آباءنا كانوا يعبدون هؤلاء ـ فعبدوهم من دون الله عز وجل فذلك قول الله تبارك وتعالى : « وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً » الآية.
وكان رب البيت في الروم واليونان القديمين ـ على ما يذكره التاريخ ـ يعبد في بيته فإذا مات اتخذ له صنم يعبده أهل بيته ، وكان كثير من الملوك والعظماء معبودين في قومهم ، وقد ذكر القرآن الكريم منهم نمرود الملك المعاصر لإبراهيم عليهالسلام الذي حاجه في ربه ، وفرعون موسى.
وهو ذا يوجد في بيوت الأصنام الموجودة اليوم وكذا بين الآثار العتيقة المحفوظة عنهم أصنام كثير من عظماء رجال الدين كصنم بوذا وأصنام كثير من البراهمة وغيرهم.
واتخاذهم أصنام الموتى وعبادتهم لها من الشواهد على أنهم كانوا يرون أنهم لا يبطلون بالموت وأن أرواحهم باقية بعده ، لها من العناية والأثر ما كان في حال حياتهم بل هي بعد الموت أقوى وجودا وأنفذ إرادة وأشد تأثيرا لما أنها خلصت من