إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ » الأنبياء : ـ ٢٥.
وقد بدأ النبي محمد صلىاللهعليهوآله في دعوته العامة بدعاء الوثنيين من قومه إلى التوحيد بالحكمة والموعظة والجدال بالتي هي أحسن فلم يجيبوه إلا بالاستهزاء والأذى وفتنة من آمن به منهم وتعذيبه أشد العذاب حتى اضطر جمع من المسلمين إلى ترك مكة والهجرة إلى الحبشة ، ثم مكروا لقتله صلىاللهعليهوآله فهاجر إلى المدينة ثم هاجر إليها بعده عدة من المؤمنين.
ولم يلبثوا حتى تعلقوا به بالقتال ، وقاتلوه ببدر وأحد والخندق وفي غزوات أخرى كثيرة حتى أظهره الله تعالى عليهم بفتح مكة فظهر صلىاللهعليهوآله البيت والحرم من أوثانهم ، وكسر الأصنام المنصوبة حول الكعبة المشرفة ، وكان هبل منصوبا على سطح الكعبة فأصعد عليا عليهالسلام إليه فرماه إلى الأرض وكان ـ على ما يقال ـ أعظم أصنامهم فدفن ـ على ما ذكروه ـ في عتبة باب المسجد.
والإسلام شديد العناية بحسم مادة الوثنية وتخلية القلوب عن الخواطر الداعية إليها وصرف النفوس حتى عن الحومان حولها والإشراف عليها ، وذلك مشهود مما ندب إليه من المعارف الأصلية والأخلاق الكريمة والأحكام الشرعية فتراه يعد الاعتقاد الحق أنه لا إله إلا الله له الأسماء الحسنى يملك كل شيء ، له الوجود الأصيل الذي يستقل بذاته وهو الغني عن العالمين ، وكل ما هو غيره منه يبتدئ وإليه يعود ، وإليه يفتقر في جميع شئون ذاته حدوثا وبقاء فمن أسند إلى شيء شيئا من الاستقلال بالقياس إليه تعالى ـ لا بالقياس إلى غيره ـ في شيء من ذاته أو صفاته أو أعماله فهو مشرك بحسبه.
وتراه يأمر بالتوكل على الله ، والثقة بالله ، والدخول تحت ولاية الله ، والحب في الله ، والبغض في الله ، وإخلاص العمل لله ، وينهى عن الاعتماد بغير الله ، والركون إلى غيره ، والاطمئنان إلى الأسباب الظاهرة ورجاء من دونه ، والعجب والكبر إلى غير ذلك مما يوجب إعطاء الاستقلال لغيره والشرك به.
وتراه ينهى عن السجدة لغيره تعالى ، وينهى عن اتخاذ التماثيل ذوات الأظلال وعن تصوير ذوي الأرواح ، وينهى عن طاعة غير الله والإصغاء إليه فيما يأمر وينهى إلا ما رجع إلى طاعة الله كطاعة الأنبياء وأئمة الدين ، وينهى عن البدعة واتباعها وعن اتباع خطوات الشيطان.