الله وشعائره تمسكا بمثل قوله تعالى : « وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ » الحج : ـ ٣٢ ، وآية القربى وغير ذلك من كتاب وسنة.
فهو في جميع ذلك يبتغي بهم إلى الله الوسيلة وقد قال تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ » المائدة : ـ ٣٥ فشرع به ابتغاء الوسيلة ، وجعلهم بما شرع من حبهم وتعزيرهم وتعظيمهم وسائل إليه ، ولا معنى لإيجاب حب شيء وتعظيمه وتحريم آثار ذلك فلا مانع من التقرب إلى الله بحبهم وتعظيم أمرهم وما لذلك من الآثار إذا كان على وجه التوسل والاستشفاع من غير أن يعطوا استقلال التأثير والعبادة البتة.
وثانيا : أنه فاتهم الفرق بين أن يعبد غير الله رجاء أن يشفع عند الله أو يقرب إلى الله ، وبين أن يعبد الله وحده مع الاستشفاع والتقرب بهم إليه ففي الصورة الأولى إعطاء الاستقلال وإخلاص العبادة لغيره تعالى وهو الشرك في العبودية والعبادة ، وفي الصورة الثانية يتمحض الاستقلال لله تعالى ويختص العبادة به وحده لا شريك له.
وإنما ذم تعالى المشركين لقولهم : « إنما نعبدهم ( لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى ) » حيث أعطوهم الاستقلال وقصدوهم بالعبادة دون الله سبحانه ، ولو قالوا : إنما نعبد الله وحده ونرجو مع ذلك أن يشفع لنا ملائكته أو رسله وأولياؤه بإذنه أو نتوسل إلى الله بتعظيم شعائره وحب أوليائه ، لما كفروا بذلك بل عادت شركاؤهم كمثل الكعبة في الإسلام هي وجهة وليست بمعبودة ، وإنما يعبد بالتوجه إليها الله.
وليت شعري ما ذا يقول هؤلاء في الحجر الأسود وما شرع في الإسلام من استلامه وتقبيله؟ وكذا في الكعبة؟ فهل ذلك كله من الشرك المستثنى من حكم الحرمة؟ فالحكم حكم ضروري عقلي لا يقبل تخصصا ولا استثناء ، أو أن ذلك من عبادة الله محضا وللحجر حكم الطريق والجهة ، وحينئذ فما الفرق بينه وبين غيره إذا لم يكن تعظيمه على وجه إعطاء الاستقلال وتمحيض العبادة ، ومطلقات تعظيم شعائر الله وتعزير النبي صلىاللهعليهوآله وحبه ومودته وحب أهل بيته ومودتهم وغير ذلك في محلها.