( بيان )
تذكر الآيات قصة هود النبي وقومه وهم عاد الأولى ، وهو عليهالسلام أول نبي يذكره الله تعالى في كتابه بعد نوح عليهالسلام ، ويشكر مسعاه في إقامة الدعوة الحقة والانتهاض على الوثنية ، ويعقب ذكر قوم نوح بذكر قوم هود ، قال تعالى في عدة مواضع من كلامه : « قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ ».
قوله تعالى : « وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً » كان أخاهم في النسب لكونه منهم وأفراد القبيلة يسمون إخوة لانتسابهم جميعا إلى أب القبيلة ، والجملة معطوفة على قوله تعالى سابقا : « نُوحاً إِلى قَوْمِهِ » والتقدير : « ولقد أرسلنا إلى عاد أخاهم هودا » ولعل حذف الفعل هو الموجب لتقديم الظرف على المفعول في المعطوف على خلاف المعطوف عليه حيث قيل : « وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ » إلخ ، ولم يقل : وهودا إلى عاد مثلا كما قال : « نُوحاً إِلى قَوْمِهِ » لأن دلالة الظرف أعني : « إِلى عادٍ » على تقدير الإرسال أظهر وأوضح.
قوله تعالى : « قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ » الكلام وارد مورد الجواب كان السامع لما سمع قوله : « وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً » قال : فما ذا قال لهم؟ فقيل : « قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ » إلخ ، ولذا جيء بالفصل من غير عطف.
وقوله : « اعْبُدُوا اللهَ » في مقام الحصر أي اعبدوه ولا تعبدوا غيره من آلهة اتخذتموها أربابا من دون الله تعبدونها لتكون لكم شفعاء عند الله من غير أن تعبدوه تعالى. والدليل على الحصر المذكور قوله بعد : « ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ » حيث يدل على أنهم كانوا قد اتخذوا آلهة يعبدونها افتراء على الله بالشركة والشفاعة.
قوله تعالى : « يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً » إلى آخر الآية ، قال في المجمع ، الفطر الشق عن أمر الله كما ينفطر الورق عن الشجر ، ومنه فطر الله الخلق لأنه بمنزلة ما شق منه فظهر. انتهى ، وقال الراغب : أصل الفطر الشق طولا يقال : فطر فلان كذا فطرا وأفطر هو فطورا وانفطر انفطارا ـ إلى أن قال ـ وفطر الله