التلخيص الأول فقوله : « أَلا إِنَّ عاداً » إلخ ، يحاذي به وصف حالهم المذكور في قوله : « وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا » إلخ ، وقوله : « أَلا بُعْداً لِعادٍ » إلخ ، يحاذي به قوله : « وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً » إلخ.
ويتأيد من هذه الجملة أن المراد باللعنة السابقة اللعنة الإلهية دون لعن الناس ، والأنسب به أحد الوجهين الأولين من الوجوه الثلاثة السابقة وخاصة الوجه الثاني دون الوجه الثالث.
( بحث روائي )
في تفسير العياشي ، عن أبي عمرو السعدي قال : قال علي بن أبي طالب عليهالسلام : في قوله : « إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » يعني أنه على حق يجزي بالإحسان إحسانا ، وبالسيئ سيئا ، ويعفو عمن يشاء ويغفر ، سبحانه وتعالى.
أقول : وقد تقدم توضيحه ، وقد ورد في الرواية عنهم عليهالسلام : أن عادا كانت بلادهم في البادية ، وكان لهم زرع ونخيل كثيرة ، ولهم أعمار طويلة وأجساد طويلة فعبدوا الأصنام ، وبعث الله إليهم هودا يدعوهم إلى الإسلام وخلع الأنداد ـ فأبوا ولم يؤمنوا بهود وآذوه ـ فكفت عنهم السماء سبع سنين حتى قحطوا. الحديث.
وروي إمساك السماء عنهم من طريق أهل السنة عن الضحاك أيضا قال : أمسك عن عاد القطر ثلاث سنين ـ فقال لهم هود : « اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ـ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً » فأبوا إلا تماديا ، وقد تقدم أن الآيات لا تخلو من إشارة إليه.
واعلم أن الروايات في قصة هود وعاد كثيرة إلا أنها تشتمل على أمور لا سبيل إلى تصحيحها من طريق الكتاب ولا إلى تأييدها بالاعتبار ولذلك طوينا ذكرها.
وورد أيضا أخبار أخر من طرق الشيعة وأهل السنة في وصف جنة عاد التي تنسب إلى شداد الملك وهي المذكورة في قوله تعالى : « إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ » الفجر : ـ ٨ ، وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى في تفسير سورة الفجر.