اللحم المشوي على حجارة محماة بالنار كما أن القديد هو المشوي على حجارة محماة بالشمس على ما ذكره بعض اللغويين ، وذكر بعضهم أنه المشوي الذي يقطر ماء وسمنا ، وقيل : هو مطلق المشوي ، وقوله تعالى في سورة الذاريات في القصة : « فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ » لا يخلو من تأييد ما للمعنى الثاني.
وقوله : « وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى » معطوف على قوله سابقا : « وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ » قال في المجمع ، : وإنما دخلت اللام لتأكيد الخبر ومعنى قد هاهنا أن السامع لقصص الأنبياء يتوقع قصة بعد قصة ، وقد للتوقع فجاءت لتؤذن أن السامع في حال توقع. انتهى.
والرسل هم الملائكة المرسلون إلى إبراهيم للبشارة وإلى لوط لإهلاك قومه وقد اختلفت كلمات المفسرين في عددهم مع القطع بكونهم فوق الاثنين لدلالة لفظ الجمع ـ الرسل ـ على ذلك ، وفي بعض الروايات عن أئمة أهل البيت عليهالسلام أنهم كانوا أربعة من الملائكة الكرام ، وسيأتي نقلها إن شاء الله في البحث الروائي.
والبشرى التي جاءت بها الرسل إبراهيم عليهالسلام لم يذكر بلفظها في القصة ، والتي ذكرت فيها منها هي البشارة لامرأته ، وإنما ذكرت بشارة إبراهيم نفسه في غير هذا المورد كسورتي الحجر والذاريات ، ولم يصرح فيهما باسم من بشر به إبراهيم أهو إسحاق أم إسماعيل عليهالسلام أو أنهم بشروه بكليهما؟ وظاهر سياق القصة في هذه السورة أنها البشارة بإسحاق ، وسيأتي البحث المستوفى عن ذلك في آخر القصة.
وقوله : « قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ » أي تسالموا هم وإبراهيم فقالوا : سلاما أي سلمنا عليك سلاما ، وقال إبراهيم : سلام أي عليكم سلام.
والسلام الواقع في تحية إبراهيم عليهالسلام نكرة ووقوعه نكرة في مقام التحية دليل على أن المراد به الجنس أو أن له وصفا محذوفا للتفخيم ومزيد التكريم والتقدير : عليكم سلام زاك طيب أو ما في معناه ، ولذا ذكر بعض المفسرين : أن رفع السلام أبلغ من نصبه فقد حياهم بأحسن تحيتهم فبالغ في إكرامهم ظنا منه أنهم ضيف.