ذلك فقيل : إنهم محتاجون ليست لهم دواب.
فالتفت معاوية إلى قيس بن سعد بن عبادة فقال : يا معشر الأنصار ما لكم لا تستقبلوني مع إخوانكم من قريش؟
فقال قيس وكان سيد الأنصار وابن سيدهم : أقعدنا يا أمير المؤمنين أن لم تكن لنا دواب.
قال معاوية فأين النواضح؟
فقال قيس : أفنيناها يوم بدر ويوم أحد وما بعدهما في مشاهد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ حين ضربناك وأباك على الأسلام حتى ظهر أمر الله وأنتم كارهون.
قال معاوية : اللهم غفرا.
قال قيس : أما إن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ قال : سترون بعدي أثرة (١).
ثم قال : يا معاوية تعيرنا بنواضحنا ، والله لقد لقيناكم عليها يوم بدر وأنتم جاهدون على إطفاء نور الله ، وأن تكون كلمة الشيطان هي العليا ، ثم دخلت أنت وأبوك كرها في الأسلام الذي ضربناكم عليه.
فقال معاوية : كأنك تمن علينا بنصرتك إيانا ، فلله ولقريش بذلك المن والطول ، ألستم تمنون علينا يا معشر الأنصار بنصرتكم رسول الله
__________________
(١) راجع : صحيح البخاري ج ٩ ص ٥٩ ، مسند أحمد ج ٣ ص ١٨٢ ، سنن الترمذي ج ٤ ص ٤١٨ ح ٢١٨٩ ، شرح السنة للبغوي ج ١٤ ص ١٧٣ ح ٣٩٧٣ ، صحيح مسلم ج ٣ ص ١٤٧٤ ح ٤٨ ـ (١٨٤٥) ، كنز العمال ج ١٣ ص ٦١٤ ح ٣٧٥٧٠ ، وللحديث مصادر كثيرة. قال الجزري في النهاية ج ١ ص ٢٢ بمادة (أثر) : قال ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ للأنصار : (إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا). الاثرة بفتح الهمزة والثاء الاسم من أثر يؤثر إيثارا إذا أعطى اراد انه يستأثر عليكم فيفضل غيركم في نصيبه من الفئ ، والاستئثار الانفراد بالشئ.