وبعضهم صرّح أنها تنعقد أيضاً بالقهر والغلبة (١).
وأما الأمامية فذهبت إلى أن الخلافة لا تكون إلا بالنص انطلاقا من نظرتها الخاصة في مسألة الخلافة باعتبارها منصبا إلهيا وأمره ليس بيد البشر ، وترى لزوم توفر مواصفات معينة في خليفة النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ من قبيل نزاهة الباطن ، التي لا يطلع عليها إلا علام الغيوب.
فتؤكد من هذا المنطلق أنه يجب (٢) على الله تعالى أن يختار للأمة خليفة للنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لتناط به مسؤولية الأمة بعده مباشرة ، ويعينه من خلال نص النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عليه بكل صراحة ووضوح.
ومن هذا المنطلق تحركت الشيعة الأمامية لأثبات نظريتها في الأمامة ووضعت النقاط على الحروف وساقت الكثير من الأدلة والبراهين العقلية والنقلية من خلال الايات القرآنية والأحاديث النبوية المتفق عليها عند جمهور المسلمين لأثبات الأمرين معا :
الأمر الاول : أن الخلافة والأمامة منصب إلهي وعهد رباني لا يناله إلا ذو حظ عظيم يمتاز عن سائر أفراد الأمة بعلمه الجم وفضائله الفائقة وعصمته ونزاهة باطنه. الأمر الثاني : أنه بالفعل تم التعيين بأمر من الله تعالى ، وبنص صريح وواضح جلي في مواقف عديدة ومناسبات كثيرة من النبي ـ صلى الله عليه
__________________
(١) قال الماوردي في الاحكام السلطانية : ج ١ ص ٢٣ : وروي عنه ـ أي أحمد ـ ما دلّ على أنّها تثبت بالقهر والغلبة ، ولا تفتقر إلى العهد ، فقال في رواية عبدوس بن مالك العطار : ومن غلب عليهم بالسيف حتى صار خليفة وسمّي أميرالمؤمنين فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماماً ، برّاً كان أو فاجراً.
(٢) وجوب نصب الامام على الله تعالى هو بمقتضى قاعدة اللي ف بالعباد إذ لا يمكن ان يوجب العبد شيئاً على مولاه ، وهناك من المذاهب من يرى وجوبها شرعاً ، راجع شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج ٢ ص ٣٠٨ ، ومن أراد التوسع في هذا الموضوع فليراجع : كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد للعلامة الحلي : ص ٣٢٤ و ٣٦٢ ، حق اليقين في معرفة أصول الدين للسيد عبدالله شبّر : ج ١ ص ١٣٦ ـ ١٤٠ ، كتاب الامامة في أهم الكتب الكلامية للعلامة السيد علي الميلاني : ص ٤٥.