فقال الناس : صدقت.
فقال أبو جعفر : يابن أبي خدرة ، ذهب نصف دينك ، وأما قولك ثاني اثنين الصديق من الأمة أوجب الله على صاحبك الاستغفار لعلي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ في قوله عز وجل : (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولأخواننا الذين سبقونا بالايمان) (١) إلى آخر الاية ، والذي ادعيت إنما هو شئ سماه الناس ، وقد قال علي ـ عليه السلام ـ على منبر البصرة : أنا الصديق الأكبر (٢) آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر وصدقت قبله.
قال الناس : صدقت.
قال أبو جعفر مؤمن الطاق : يا بن أبي خدرة ، ذهب ثلاثة أرباع دينك ، وأما قولك في الصلاة بالناس ، كنت ادعيت لصاحبك فضيلة لم تقم له ، وإنها إلى التهمة أقرب منها إلى الفضيلة ، فلو كان ذلك بأمر رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ لما عزله عن تلك الصلاة بعينها ، أما علمت أنه لما تقدم أبو بكر ليصلي بالناس خرج رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ فتقدم وصلى بالناس وعزله عنها ، ولا تخلو هذه الصلاة من أحد وجهين ، إما أن تكون حيلة وقعت منه فلما أحس النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ بذلك خرج مبادرا مع علته فنحاه عنها لكي لا يحتج بعده على أمته فيكونوا في ذلك معذورين ، وإما أن يكون هو الذي أمره بذلك وكان ذلك مفوضا إليه كما
__________________
(١) سورة الحشر : الاية ١٠.
(٢) فرائد السمطين ج ١ ص ٢٤٨ ح ١٩٢ ، ترجمة امير المؤمنين من تاريخ ابن عساكر ج ١ ص ٦١ ، انساب الاشراف ج ٢ ص ١٤٦ ح ١٤٦.