النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قول الله عز وجل (ولو تقول علينا بعض الاقاويل ، لأخذنا منه باليمين ، ثم لقطعنا منه الوتين) (١) ، وكان مع ذلك فقد كلف النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عباد الله ما لا يطيقون عن الله تبارك وتعالى ، وهذا من المحال الذي يمتنع كونه ولا يأمر به حكيم ، ولا يدل عليه الرسول تعالى الله عن أن يأمر بالمحال ، وجل الرسول من أن يأمر بخلاف ما يمكن كونه في حكمة الحكيم ، فسكت القوم عند ذلك جميعا.
فقال المأمون : قد سألتموني ونقضتم علي ، أفاسألكم؟
قالوا : نعم.
قال : أليس قد روت الأمة بإجماع منها أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال : من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار (٢).
قالوا : بلى.
قال : ورووا عنه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أنه قال : من عصى الله بمعصية صغرت أو كبرت ثم اتخذها دينا ومضى مصرا عليها ، فهو مخلد بين أطباق الجحيم؟
قالوا : بلى.
قال : فخبروني عن رجل تختاره الأمة فتنصبه خليفة ، هل يجوز أن يقال له خليفة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، ومن قبل الله عز وجل ، ولم يستخلفه الرسول؟
فإن قلتم : نعم فقد كابرتم ، وإن قلتم : لا ، وجب أن أبا بكر لم يكن
__________________
(١) سورة الحاقة : الاية ٤٤ ـ ٤٦.
(٢) صحيح مسلم ج ١ ص ١٠ ح ٣ ، مسند احمد بن حنبل ج ١ ص ٤٧ و ٧٨ و ٩٠ و ١٣٠ و ١٦٥ ، مجمع الزوائد ج ١ ص ١٤٣.