فهذه ستة مواضع تدل على فضل ابى بكر من آية الغار ، حيث لا يمكنك ولا غيرك الطعن فيها.
فقلت له : خبرتك بكلامك في الاحتجاج لصاحبك عنه وإني بعون الله سأجعل ما أتيت به كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف.
اما قولك : إن الله تعالى ذكر النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وجعل ابا بكر معه ثانيه ، فهو إخبار عن العدد ، ولعمري لقد كانا اثنين ، فما في ذلك من الفضل؟! فنحن نعلم ضرورة أن مؤمنا ومؤمنا ، أو مؤمنا وكافرا ، اثنان فما أرى لك في ذلك العد طائلا تعتمده.
وأما قولك : إنه وصفهما بالاجتماع في المكان ، فإنه كالاول لأن المكان يجمع الكافر والمؤمن كما يجمع العدد المؤمنين والكفار ، وأيضا : فإن مسجد النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أشرف من الغار ، وقد جمع المؤمنين والمنافقين والكفار ، وفي ذلك يقول الله عز وجل : (فما للذين كفروا قبلك مهطعين عن اليمين وعن الشمال عزين) (١) ، وأيضا : فإن سفينة نوح ـ عليه السلام ـ قد جمعت النبي ، والشيطان ، والبهيمة ، والكلب ، والمكان لا يدل على ما أوجبت من الفضيلة ، فبطل فضلان.
وأما قولك : إنه أضافه إليه بذكر الصحبة ، فإنه أضعف من الفضلين الأولين لأن اسم الصحبة تجمع المؤمن والكافر ، والدليل على ذلك قوله تعالى : (قال له صاحبه وهو يحاوره اكفرت بالذى خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلاً) (٢) وأيضا : فإن اسم الصحبة يطلق على العاقل والبهيمة ، والدليل على ذلك من كلام العرب الذي نزل بلسانهم ، فقال الله
__________________
(١) سورة المعارج : الاية ٣٧.
(٢) سورة الكهف : الاية ٣٥. والبهيمة ، والدليل على ذلك من كلام العرب الذي نزل بلسانهم ، فقال الله