عليه الاجماع والاتفاق ، وذلك أنه لا خلاف بين الأمة أن الاية من القرآن قد تأتي وأولها في شئ وآخرها في غيره ، ووسطها في معنى وأولها في سواه ، وليس طريق الاتفاق في المعنى إحاطة وصف الكلام في الائي ، فقد نقل الموافق والمخالف أن هذه الاية نزلت في بيت أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ ، ورسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ في البيت ، ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين ـ عليهم السلام ـ وقد جللهم بعباء خيبرية ، وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأنزل الله عز وجل عليه : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (١) فتلاها رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ.
فقالت أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ : يا رسول الله ألست من أهل بيتك؟
فقال لها : إنك إلى خير ، ولم يقل لها : إنك من أهل بيتي ، حتى روى أصحاب الحديث أن عمر سئل عن هذه الاية ، قال : سلوا عنها عائشة ، فقالت عائشة : إنها نزلت في بيت أختي أم سلمة فسلوها عنها فإنها أعلم بها مني ، فلم يختلف أصحاب الحديث من الناصبة وأصحاب الحديث من الشيعة في خصوصها فيمن عددناه ، وحمل القرآن في التأويل على ما جاء به الأثر أولى من حمله على الظن والترجيم ، مع أن الله سبحانه قد دل على صحة ذلك بمتضمن هذه الاية حيث يقول : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وإذهاب الرجس لا يكون إلا بالعصمة من الذنوب ، لأن الذنوب من أرجس الرجس ، والخبر عن الإرادة ههنا إنما هو خبر عن وقوع الفعل خاصة ، دون الإرادة التي يكون
__________________
(١) سورة الاحزاب : الاية ٣٣.