لانه لا يتنافي الجمع بينهما فيكون إراد بقوله : (أحب خلقك إليك) في نفسه وللأكل معي ، وإذا كان الأمر على ما بيناه سقط اعتراضك.
فقال رجل من الزيدية ـ كان حاضرا ـ للسائل : هذا الاعتراض ساقط على أصلك وأصلنا ، لانا نقول جميعا إن الله تعالى لا يريد المباح ، والأكل مع النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ مباح وليس بفرض ولا نفل ، فيكون الله يحبه فضلا عن أن يكون بعضه أحب إليه من بعض ، وهذا السائل من أصحاب أبي هاشم فلذلك أسقط الزيدي كلامه على اصله ، إذ كان يوافقه في الأصول على مذهب أبي هاشم.
فخلط السائل هنيئة ثم قال للشيخ ـ أدام الله عزه ـ : فأنا أعترض باعتراض آخر وهو : أن أقول ما أنكرت أن يكون هذا القول إنما أفاد أن عليا ـ عليه السلام ـ كان أفضل الخلق في يوم الطائر ، ولكن بم تدفع أن يكون قد فضله قوم من الصحابة عند الله تعالى بكثرة الأعمال والمعارف بعد ذلك؟ وهذا الأمر لا يعلم بالعقل ، وليس معك سمع في نفس الخبر يمنع من ذلك ، فدل على أنه ـ عليه السلام ـ أفضل من الصحابة كلهم إلى وقتنا هذا ، فإنا لم نسألك عن فضله عليهم وقتا بعينه.
فقال الشيخ ـ أدام الله عزه ـ : هذا السؤال أوهن مما تقدم ، والجواب عنه أيسر ، وذلك أن الأمة مجمعة على إبطال قول من زعم أن أحدا اكتسب أعمالا زادت على الفضل الذي حصل لأمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ على الجماعة ، من قبل أنهم بين قائلين :
فقائل يقول : إن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ كان أفضل من الكل في وقت الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ لم يساوه أحد بعد ذلك ، وهم : الشيعة الأمامية ، والزيدية ، وجماعة من شيوخ المعتزلة ، وجماعة من أصحاب