فقلت : ومن أغلقه؟
قال : الأئمة الأربعة.
فقلت متحررا : الحمد لله إذ لم يكن الله هو الذي أغلقه ولا رسول الله ولا الخلفاء الراشدون الذين (أمرنا بالاقتداء بهم) فليس علي حرج إذا اجتهدت كما اجتهدوا.
فقال : لا يمكنك الاجتهاد إلا إذا عرفت سبعة عشر علما ، منها علم التفسير واللغة والنحو والصرف والبلاغة والأحاديث والتاريخ وغير ذلك.
وقاطعته قائلا : أنا لن أجتهد لأبين للناس أحكام القرآن والسنة أو لأكون صاحب مذهب في الأسلام ، كلا ، ولكن لأعرف من على الحق ومن على الباطل ، ولمعرفة إن كان الأمام علي على الحق ، أو معاوية مثلا ، ولا يتطلب ذلك الأحاطة بسبعة عشر علما ، ويكفي أن أدرس حياة كل منهما وما فعلاه حتى أتبين الحقيقة.
قال : وما يهمك أن تعرف ذلك : (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون) (١).
قلت : أتقرأ (ولا تسألون) بفتح التاء أم بضمها؟
قال : تسألون بالضم.
قلت : الحمد لله لو كانت بالفتح لامتنع البحث ، وما دامت بالضم فمعناها أن الله سبحانه سوف لن يحاسبنا عما فعلوا وذلك كقوله تعالى : (كل نفس بما كسبت رهينة) (٢) ، و (أن ليس للانسان إلا ما
__________________
(١) سورة البقرة : الاية ١٣٤.
(٢) سورة المدثر : الاية ٣٨.