أمّا سائر البلاد فقد فُتحت عنوة ، وما كان كذلك فهو يُقسّم بين المقاتلة الفاتحين ، فإذا تعدّى معاوية على حقوق الناس وظلمهم فإنّ على الناس أن يطالبوا بحقوقهم ، وأن لا يرضوا بهذا الظلم.
أمّا ما يرجع إلى الإمام فإنما هو حق له من حيث هو إمام.
وبذلك يكون عليهالسلام قد أفهم من يريد أن يفهم : أنّ هذه الهدنة قد تضمّنت سلب معاوية كلّ ما يدّعيه لنفسه من مقامات ، وبيّنت أنّ الإمام الحق إنما هادنه في دائرة محدودة جداً ، ولكنه سلب عنه كل شرعيّة فيها كما سيتضح.
٢ ـ أنّه شرط عليه أن لا يسمّيه بأمير المؤمنين ، وقد سجّل هو قبوله بذلك بخط يده ، طائعاً مختاراً ، مع أنّ هذا إعلان صريح بأنه عليهالسلام لا يرى شرعيّة ما يدعيه معاوية لنفسه ، وأن تسمِّيه بأمير المؤمنين ما هو إلاّ توثب شخصي منه على أمر لا حق له فيه ، وأن ما يسفكه من أجل ذلك من دماء بريئة ما هو إلاّ إقدام على ارتكاب الجرائم والموبقات والعظائم.
ولنفترض جدلاً ... أن محبّيه قد نسوا ما سفكه معاوية من دماء بريئة من أجل الحصول على هذا الأمر ، وتذرّعوا باحتمال واهٍ وسخيف ، وهو أنّ معاوية إنما أعطى هذا الشرط للإمام الحسن عليهالسلام على سبيل التكرم والسماحة وسعة الصدر ، بهدف إدخال السرور على قلبه (عليه الصلاة والسلام) ، لا لأنه قد قبل واعترف بأن هذا المقام ليس له.
فيأتي الشرط الثاني ليبين بوار هذا الاحتمال ، ويقول :
٣ ـ أنّ الأمر بعد معاوية للحسن ، ثم للحسين عليهماالسلام.