الثاني : أن يكون قد شرط عليه ذلك بسبب جهله بأحكام القضاء ، ومَن كان جاهلاً حتّى بمثل هذه الاُمور البسيطة التي هي من شؤون الحاكم ، فهل يكون عالماً بسائر القضايا الحسّاسة والمصيرية والمعقّدة والتي تحتاج إلى المزيد من التعمق في الشريعة وأحكامها؟!
وهل يصح تفويضها إليه وإعطاؤه مقام رسول الله صلىاللهعليهوآله ووظائفه باستثناء الوحي الإلهي وهو على هذه الصفة من الجهل بأبسط مسؤوليات النبي صلىاللهعليهوآله؟!
وهل يمكن أن يكون الأمين عليها والمصيب في قراراته فيها؟!
ومَن كان بهذا المستوى من الجهل أو عدم الأمانة وقلّة الدين كيف يمكن أن يفي بتعهداته بأن يعمل بالكتاب والسنة؟!
وبعد ، فإنّه إذا كان يمكن أن يدّعي أحد ولو على سبيل المكابرة أنّ معاوية قد أعطى الإمام الحسن عليهالسلام ما هو حقّ له في الشرط الأول والثاني والثالث حسبما أوضحناه ، وأنّ ذلك قد كان منه ، وفي تلك وسواهما تكرماً وتفضلاً ، فإنه لا يتصور ذلك في موضوع اشتراط عدم إقامة الشهادة عنده ، لأنّ ذلك لا يدخل في دائرة التنازل والسماحة والتكرم ، بل هو يمثل القبول بالإهانة والانتقاص لشخصه ، من حيث إنه يستبطن الحكم عليه بأنه إمّا جاهل بأبسط الأحكام أو أنه بلا دين.
ولكن معاوية قد قبل حتّى هذا الشرط ، وسجل التاريخ ذلك عليه ، وربما كان معتمداً على ما عقد العزم عليه من النكث للعهد بعد الوصول إلى ما يريد حسبما قلناه ..