الحسد الذي لا يخلو منه أو من شيء من موجباته ، أيّ أحد لم يبلغ درجة الكمال؟ ثُمّ أي رجل أناط أمير المؤمنين عليهالسلام البِرَّ به بالبرِّ بنفسه التي يجب على كافة المؤمنين أنْ يبرّوا بها؟
على أنّ الظاهر من قول المُجتبى عليهالسلام : «أمَا علمتَ أنّ الحسينَ». هو : إنّ علمَ محمّد بالإمامة لم يكنْ بمحض النّصِّ المُتأخّر وإنْ أكّده ذلك ، وإنّما هو بعلم مخصوص برجالات بيت الوحي ، مكنون عندهم بالإحاطة بالكتاب الماضي والقدر الجاري. ويرشدنا إلى هذا قولُ ابن الحنفيّة : إنّ في رأسي ... ؛ فإنّه أظهر من سابقه فيما قلنا ، وكلماته الذهبيّة في الاعتراف بحقّ الإمامين عليهماالسلام تدلّنا على ثباته المُستقى من عين صافية بارشيةٍ من الحقِّ ؛ وما هي إلاّ ذلك اللوح المحفوظ.
أضف إلى ذلك ، ما جاء عن أمير المؤمنين عليهالسلام من قوله : «تأبَى المحامدةُ أنْ يُعصى اللّه». وهُم : محمّد بن الحنفيّة ، ومحمّد بن جعفر الطيّار ، ومحمّد بن أبي حُذيفة بن عتبة بن ربيعة ، وهو ابن خال معاوية بن أبي سفيان (١).
__________________
(١) رجال الكشّي ١ / ٢٢٦ ، النّص منقول بالمعنى ، وفيه : إنّ محمّد بن أبي حُذيفة كان من أنصار عليٍّ عليهالسلام وخيار الشيعة ، وبعد شهادة علي عليهالسلام حبسه معاوية دهراً ؛ حيث لم يتبرّأ من المشايعة لعلي وولده عليهمالسلام ، وبعد أنْ أخرجه حمله على البراءة منه والموالاة لعثمان ، فقال له : إنّي لا أعلم أحداً شرك في دم عثمان غيرك ؛ حيث استعملك وخالف المسلمين في رأيهم عليه بعزلك حتّى جرى عليه ما كان ، وإنّ طلحة والزُّبير وعائشة هم الذين ألّبوا عليه وشهدوا عليه بالجريمة ، وإنّي أشهدُ أنّك منذ عُرفت في الجاهليّة والإسلام لعلى خُلقٍ واحد ، ما زاد الإسلامُ فيك شيئاً ؛ وعلامته أنّك تلومُني على حُبّي لعليٍّ عليهالسلام وقد خرج معه كُلُّ صوّامٍ قوّامٍ