وما أرى اليوم أقبح ولا أسود وجهاً منك؟! فبكى ، وقال : واللّه ، منذ حملت الرأس وإلى اليوم ما تمرّ عليَّ ليلةٌ إلاّ واثنان يأخذان بضبعي ، ثُمّ ينتهيان بي إلى نارٍ تُؤجّج ، فيدفعاني فيها وأنا أنكص ، فتسفعني كما ترى ، ثُمّ مات على أقبح حال (١).
ويمنع الإذعان بما في الروايتين من تعريف المقتول بأنّه العبّاس بن علي عليهالسلام ، عدم الالتئام مع كونه شابّاً أمردَ ؛ فإنّ للعباس يوم قتله أربعاً وثلاثين سنة ، والعادة قاضية بعدم كون مثله أمردَ ، ولم ينصّ التاريخ على كونه كقيس بن سعد بن عبادة لا طاقة شعر في وجهه.
وفي دار السّلام للعلاّمة النّوري ج ١ ص ١١٤ ، والكبريت الأحمر ج ٣ ص ٥٢ ما يشهد للاستبعاد ، واصلاحه كما في كتاب (قمر بني هاشم) ص ١٢٦ ، بأنّه رأس العبّاس الأصغر ، بلا قرينة ، مع الشكّ في حضوره الطَّفِّ وشهادته ، وهذا كاصلاحه بتقدير المقتول : (أخ العبّاس) المنطبق على عثمان الذي له يوم قتله إحدى وعشرين سنة ، أو محمّد بن العبّاس المُستشهد على رواية ابن شهر آشوب ؛ فإنّ كُلّ ذلك من الاجتهاد البحت.
ولعلّ النّظرة الصادقة فيما رواه الصدوق ، مُنضمّاً إلى رواية ابن جرير الطبري ، تُساعد على كون المقتول حبيب بن مظاهر.
قال الصدوق : وبهذا الإسناد عن عمرو بن سعيد ، عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة ، قال : قدم علينا رجل من بني أبان بن دارم ممّن شهد قتل الحسين عليهالسلام ، وكان رجلاً جميلاً شديد البياض ، فقلتُ له : ما كدت أعرفك لتغيّر لونك! قال : قتلتُ رجلاً من أصحاب الحسين
__________________
(١) تذكرة الخواصّ / ٢٩١.