يُبصَرُ بين عينيه أثرُ السّجود ، وجئت برأسه.
فقال القاسم : لقد رأيتُهُ على فرس له مرح وقد علّق الرأس بلبانه ، وهو يُصيبه بركبتيه ، قال : فقلت لأبي : لو أنّه رفع الرأس قليلاً ، أما ترى ما تصنع به الفرس بيديها؟! فقال : يا بُني ، ما يُصنع به أشدّ ؛ لقد حدّثني ، قال : ما نمتُ ليلةً منذ قتلتُهُ إلاّ أتاني في منامي حتّى يأخذ بكتفي فيقودني ، ويقول : انطلق. فيُنطَلق بي إلى جهنم فيُقذَف بي ، فأصيح. قال : فسمعتُ جارةً له قالت : ما يدعنا ننام شيئاً من الليل من صياحه. قال : فقمتُ في شبابٍ من الحيِّ فأتينا امرأته فسألناها ، فقالت : قد أبدى على نفسه ، قد صدقكم (١).
وقد اتّفقت هذه الروايات الثلاث في الحكاية عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة بما فُعل بالرأس الطاهر.
وتُفيدنا رواية الصدوق أنّ المقتول رجلٌ لا شابٌّ ، وأنّه من أصحاب الحسين عليهالسلام ، ولا إشكال فيه ، وإذا وافقنا ابن جرير على أنّ الرأس المُعلّق هو رأس حبيب بن مظاهر ـ في حين أنّ المؤرّخين لم يذكروا هذه الفعلة بغيره من الرؤوس الطّاهرة ـ أمكننا أنْ ننسب الاشتباه إلى الروايتين السّابقتين ؛ خصوصاً بعد ملاحظة ذلك الاستبعاد بالنّسبة إلى العبّاس ، وتوقّفُ التصحيح فيهما على الاجتهاد بلا قرينة واضحة.
قال ابن جرير في ج ٦ ص ٢٥٢ من التاريخ : وقاتل قتالاً شديد ، فحمل عليه رجلٌ من بني تميم فضربه بالسّيف على رأسه فقتله ، وكان يُقال له : بديل بن صريم من بني عقفان ، وحمل عليه
__________________
(١) ثواب الأعمال للشيخ الصدوق / ٢١٩.