وسمعته يُنادي رجلاً اسمه جعفر ـ من السّادة الخُدّام في الروضة ـ فجاءا معاً ، فقال السيّد الكبير لجعفر : اقبض على الطرف الآخر من الحزام ـ وكان طول الحزام يبلغ ثلاثة أذرع ـ فوقفا عند القبر حتّى إذا وصل إليهما وضعا الحزام في عنقه وأداراه عليه ، فوقف طيِّعاً لكنّه ينبح ، فأخرجاه من حرم العبّاس ، وقالا للمرأة : اتبعينا إلى (مشهد الحسين). فخرجوا جميعاً وأنا معهم ، ولم يكنْ أحدٌ في الصحن الشريف ، فلمّا صرنا في السّوق بين (الحَرَمين) تبعنا الواحد والاثنان من النّاس لأنّ الرجل كان على حالته من النّبح والاضطراب ، مكشوفَ الرأس ، ثُمّ تكاثر النّاس.
فأدخلوه (المشهد الحُسيني) وربطوه بشباك (علي الأكبر) ، فهدأت حالته ونام ، وقد عرق عَرقاً شديداً ، فما مضى إلاّ ربع ساعة فإذا به قد انتبه مرعوباً ، وهو يقول : أشهد أنْ لا إله إلاّ الله وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، وأنّ أمير المؤمنين عليَّ بن أبي طالب خليفةُ رسول اللّه بلا فصل ، وأنّ الخليفة من بعده ولده الحسنُ ، ثُمّ أخوه الحسينُ ، ثُمّ عليُّ بنُ الحسين. وعدّ الأئمّة إلى الحُجّة المهدي عجّل اللّه فرجه.
فسُئل عن ذلك ، قال : إنّي رأيت رسول اللّه صلىاللهعليهوآله الآن وهو يقول لي : «اعتَرِفْ بهؤلاء وعدَّهُمْ عليَّ ، وإنْ لمْ تفعلْ يُهلككَ العبّاسُ». فأنّا أشهد بهم وأتبرّأ من غيرهم.
ثُمّ سُئل عمّا شاهده هناك ، فقال : بينا أنا في حرم العبّاس إذ رأيت رجلاً طويل القامة قَبض عليَّ ، وقال لي : يا كلب إلى الآن بعدك على الضلال. ثُمّ ضرب بي القبر ، ولم يزل يضربني بالعصا في قفاي