النّائح) إذا وصل في قراءته إلى الشَّهادة قام أهل المجلس يلطمون بلهجاتٍ مُختلفة وهكذا النّساء ، وفي اليوم السّابع من المُحرَّم كان المتعارف أن تذكر مصيبة أبي الفضل العبّاس ، وهذا الرجل أعني (مخيلف) يأتي الحسينيّة (ويجلس تحت المنبر ؛ لأنّ رجليه ممدودتان) (١) ، وحينما وصل الخطيب إلى ذكر المصيبة ، أخذت الحالة المعتادة مَن في المجلس رجالاً ونساءً ، وبينا هم على هذا الحال إذ يرون ذلك المصاب بالزمانة في رجليه (مخيلف) واقفاً معهم يلطم ، ولهجته : (أنا مخيلف قيّمني العبّاس).
وبعد أنْ تبيّن النّاس هذه الفضيلة من أبي الفضل تهافتوا عليه وخرّقوا ثيابه للتبرّك بها ، وازدحموا عليه يُقبّلون رأسه ويديه ، فأمر الشيخ خزعل غلمانه أنْ يرفعوه إلى إحدى الغُرف ويمنعوا النّاس عنه ، وصار ذلك اليوم في المحمّرة أعظم من اليوم العاشر من المُحرَّم ، وصار البكاء والعويل والصراخ من الرجال ، وأمّا النّساء فمنهنّ مَن تُهلهل ، واُخرى تصرخ ، وغيرها تلطم.
وذكر لي ملاّ عبد الكريم الخطيب من أهل المحمّرة ـ وكان حاضراً وقت الحديث ـ أنّ الشيخ خزعل في كُلِّ يوم يصنع طعاماً لأهل المجلس في الظهر ، وفي ذلك اليوم تأخّر الغداء إلى السّاعة التاسعة من النّهار لبكاء النّاس وعويلهم.
وقال العلاّمة الشيخ حسن المذكور : ثُمّ إنّه سُئل مخيلف عمّا رآه وشاهده ، فقال : بينا النّاس يلطمون على العبّاس أخذتني سنة
__________________
(١) هذه الجمّلة التي بين قوسين حدّثني بها في دار الشيخ الجليل الشيخ حسن المذكور ملاّ عبد الكريم ، وقد شاهد الرجل بعينه ذلك اليوم.