من عُمّال الاُمويِّين ، طاف البلاد لأخذ البيعة لهم فلُقّب (بالطّوفي) ، وكان مُعلّماً لهشام بن عبد الملك ، فلمّا ولي هشام المُلك أراد أنْ يُكافئه على خدمته ، فبعثه عاملاً على (يزد) ودفع إليه تلك الراية ، فسار أبو العلاء إلى (يزد) ، ونصب الراية في البُستان المشهور باسمه ، ودعا أهل يزد إلى بيعة الاُمويِّين ، وكانوا على طريقة أهل البيت عليهمالسلام ، وأخذهم على ذلك أخذاً شديداً ، وعاملهم بالقسوة والجور ، وبقوا يتقلّبون على حسك الظلم إلى أنْ ظهر أبو مسلم الخراساني أيّام مروان الحمار ، وتصرّف في خراسان وفارس سنة ١٣٢ وسنة ١٣٣ هجرية ، فراسله اليزديّون وطلبوا إنقاذهم من مخالب الطّوفي ، فبعث أبو مسلم محمّد الزمجي إلى أصفهان ويزد.
وبلغ الطّوفي إقباله بجيش جرّار وأنّ اليزديّين معه ، فخرج ليلاً من يزد إلى قرية (ابرند آباد) ، فبعث محمّد الزمجي جماعة فقبضوا عليه وأتوا به إلى يزد ، وتجمهر اليزديّون رجالاً ونساء عليه ، واستقرّ الرأي على إحراقه والراية معه ، ففُعل بهما ذلك ، وانتهبوا القصر والبُستان.
وإنّ المصادر التاريخيّة لم تُرشدنا إلى أوّل مَن رفع اللّواء ، ويقوي في الظنِّ أنّ (كابي) المُتقدّم أوّل مَن اتّخذه ، كما أنّ الخليل إبراهيم عليهالسلام أوّل من اتّخذ الرايات ؛ وذلك لمّا غلب الرومُ على لوط وأسروه ، رفع الخليلُ رايةً وسار لمحاربة الروم ، فغلبهم واسترجع لوطاً (١).
ولمّا جاء الإسلام ، وانتشر العرب في أنحاء الشام وفارس ومصر ، وتعدّدت دُولهم ، كثرت ضروب الألوية عندهم وتنوّعت
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٦ / ١٧٠ ، باب النّوادر ، مُستدرَك الوسائل ١١ / ٩.