أشكالها ، وتعدّدت ألوانها وأطالوها ، وسمّوها بأسماء مختلفة حتّى تفاخروا بتعدادها ، فقد بلغت رايات العزيز باللّه الفاطمي لمّا خرج إلى فتح الشام خمسمئة راية ، ومثلها البوقات.
وكانوا ينقشون على راياتهم أسماء الخُلفاء والسّلاطين والقوّاد ؛ إرهاباً وإعزازاً وتفاؤلاً بالظفر ، فقد كتب ابن بشكم على رايته (الرائقي) نسبة إلى ابن رائق ، وربما كتبوا آيات القرآن عليها ، فقد وُجد في دير الظاهر بمدينة برغوس في الأندلس راية من الحرير الخالص مُطرَّزة بالنّقوش الجميلة ، وعليها آياتٌ قُرآنية (١).
وكتب أبو مسلم الخراساني بالحبر على لوائه : (اُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) (٢). ثُمّ إنّه عقد لواء بعثه إليه إبراهيم الإمام اسمه (الظِّل) على رمح طوله أربعة عشر ذراعاً ، وعقد آخر بعث به إليه اسمه (السّحاب) على رمح طوله ثلاثة عشر ذراعاً (٣).
أمّا الوان الألوية والرايات ، فلا يُعرف عنها شيء في الجاهليّة سوى راية العقاب فإنّها سوداء ، وكذلك راية النّبيِّ صلىاللهعليهوآله ، ويُقال : إنّ رايات العرب كانت بيضاء (٤).
__________________
(١) التمدّن الإسلامي ١ / ١٩٦ ، وفي الصفحة ١٦٨ ذكر اهتمام الفاطميِّين بالولاية والرايات والدرق ، فمِن ذلك أنّهم صنعوا بيتاً بمصر يُقال له : (خِزانة البنود) ، اختزنوا فيها الأعلام والرايات ، والأسلحة والسّروج ، واللجم المُذهَّبة والمُفضّضة ، وكانوا يُنفقون عليها في كلّ سنة ثمانين ألف دينار ، ولمّا احترقت الدار بما فيها ، قُدّرت الخسارة بثمانية ملايين دينار ، وكان في جملتها لواء يُسموّنه : لواء الحمد.
(٢) سورة الحجّ / ٣٩.
(٣) تاريخ الطبري ٦ / ٢٥.
(٤) آثار الدول للقرماني.