أمّا رايات النّبيِّ صلىاللهعليهوآله في مغازيه فمختلفة ؛ ففي بدر كانت رايةُ حمزة حمراء ، ورايةُ أمير المؤمنين عليهالسلام صفراء ، ويوم اُحد وخيبر اللّواء والراية أبيضان (١) ، وفي عين الوردة الراية بلقاء (٢).
وكانت أعلام بني اُميّة حُمراً ، وكُلُّ مَن دعا إلى الدولة العلويّة فعلمه أبيض ، ومَن دعا إلى الدولة العبّاسيّة فعلمه أسود ، ويقرب في الظنّ أنّ شعار العلويّين الخضرة حتّى في راياتهم ؛ فإنّ المأمون لمّا عقد ولاية العهد للإمام الرضا عليهالسلام ألزم النّاس بالخضرة وترك شعار العبّاسيِّين.
نعم ، لمّا عقد المتوكّل لبنيه البيعة عقد لكُلِّ واحد منهم لوائين ؛ أحدهما أسود وهو لواء العهد ، والآخر أبيض وهو لواء العمل (٣).
وكيف كان ، فالراية : عقدُ نظام العسكر وآيةُ زحفهم ، فلا يخالون انجفالاً ما دامت تسري أمامهم ، فهي بتقدّمها شارة الظفر وعلامة الفوز ، فلنْ تجد جحفلاً منثالاً ، وفيلقاً ملتاثاً إلاّ إذا انكفأت الراية أو اُصيب حاملها فخرّت ، ولذلك لا تُعطى إلاّ للأكفّاء الحُماة الغيارى على المبدأ ممّن لا يُجبّنه الخَوَر ، أو يُفشلهُ الضعفُ ، أو يخذلهُ الطمع.
وفي قول سيّد الوصيّين عليهالسلام شاهد عدل على هذا ؛ فإنّه كان يحرّض النّاس يوم صفين ، ويقول : «ولا تَميلوا براياتِكُمْ ولا تزيلوا ، ولا تجعلُوها إلاّ معَ شُجعانِكُمْ ؛ فإنّ المانعَ للذِّمارِ ، والصابرَ عندَ نُزولِ
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ٣ / ٨٤.
(٢) تاريخ الطبري ٤ / ٤٦٩.
(٣) التمدّن الإسلامي ١ / ١٦٦.