ولمْ يكُنْ مخصوصاً بذلك الحكم ، وممنوعاً عن إظهاره لسائر النّاس ، فلا مندوحة حينئذ من إظهار هذا الذي أطَّلع عليه بصورة الاتّفاق عليه والتَّسالم ، وهذا هو الأصل في كثير من الزيارات والآداب والأعمال المعروفة التي تداولت بين الإماميّة ، ولا مُستند ظاهر من أخبارهم ، ولا من كتب قدمائهم الواقفين على آثار الأئمّة عليهمالسلام وأسرارهم.
ومن ذلك ما رواه والد العلاّمة الحلّي والسيّد ابن طاووس عن السيّد الكبير العابد رضي الدِّين محمّد بن محمّد الأزدي الحسيني ، المجاور بالمشهد الأقدس الغروي ، عن صاحب الزمان (عجَّل الله فرجه) في طريق الاستخارة بالسّبحة ، وكما سمعه منه صلوات اللّه عليه ابن طاووس في السّرداب ، وكدعاء العلوي المصري المعروف الذي علّمه محمّد بن علي العلوي الحسني المصري في حائر الحسين عليهالسلام وقد أتاه في خمس ليال حتّى تعلّمه (١).
وهذا هو الأصل في كثير من الأقوال المجهولةِ القائل ، فيكون المُطّلع على قول الإمام عليهالسلام لمّا وجده مُخالفاً لما عليه الإماميّة أو معظمهم ، ولم يتمكّن من إظهاره على وجهه ، وخشي أنْ يضيع الحقُّ جعله قولاً من أقوالهم ، واعتمد عليه ، وأفتى به من دون تصريح بدليله.
فتحصّل من ذلك : إنّ العلماء لم يدّعوا في كتبهم حكماً من الأحكام من دون أنْ يعثروا عليه عن أئمّتهم ، وقد يكون بطريق المشافهة من إمام العصر أرواحنا له الفداء ، فما ذكره المشايخ المُتقدّمون في مزاراتهم من صلاة ركعتي الزيارة بعد الفراغ من زيارة
__________________
(١) بحار الأنوار ٥١ / ٣٠٧ ، مُعجم أحاديث المهدي / ٤٨٧.