تمّام المُتوفّى سنة ٢٧١ هـ بنى على قبره نهشل بن حميد الطوسي قبّة (١).
فما قيل من أنّ هذه القباب حدثت منذ القرن الخامس ، فهي من البدع غير المعروفة في زمن الشارع المُقدّس ، وما بعده من الأكاذيب الفاضحة.
فتحصّل من جميع ما ذكرناه أنّ البناء على القبور وعمارتها ، وتجديدها وتعاهدها أمرٌ راجح وعليه الاُمّة الإسلاميّة من دون نكير بينها ، ويتأكّد في قبور الأولياء المُقرّبين ، والشُّهداء الصدّيقين ، والعلماء الصالحين ، وذوي المآثر والفضائل ؛ لأنّ فيه تعريفاً بالميّت وتنويهاً بمقامه ، ليزوره الزائر ، ويستريح إليه المُتعبّد ؛ لكونه من الأمكنة المحبوبة للّه تعالى ، فيها الذكر والطاعة ، وتحصيل المصالح الدينيّة.
وبذلك اتّفقت كلمة العلماء الذين هم أعرف الاُمّة بموارد الأمر والنّهي ، بل زادوا على البناء والعمارة تزيينها بالمُعلّقات والفرش والسّتائر ، وكُلّ ما فيه احترامهم وتعظيمهم.
مدّعين على ذلك ـ بعد الإجماع والاتّفاق ـ أنّه من الشعائر ، وعدم إنكار الأئمّة عليهمالسلام في عهود كانوا ظاهرين فيها ، والأخبار الكثيرة الدالّة على ميلهم ورضاهم به ، وقد أمرت بالوقوف على باب الروضة أو القبّة أو النّاحية المُقدّسة ، والاستئذان ، وتقبيل القبّة والدعاء عند ترائي القبّة الشريفة ، وغيرها ممّا يتوقّف على وجود الباب والقبّة والعتبة ، المتوقّف كُلّه على البناء ، فلولا البناء أين تكون القبّة؟ وأين
__________________
(١) وفيات الأعيان ٢ / ١٧.