كما أنّهم أبعدوها كثيراً عن مستوى التعاليم الإلهيّة ، ودروس خاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآله المُلقاة عليها كُلَّ صباح ومساء ، وفيها ما فرضه المهيمن ـ جلّ شأنه ـ على الاُمّة جمعاء من الإيمان بما حبى ولدها الوصيَّ عليهالسلام بالولاية على المؤمنين حتّى اُختصّ بها دون الأئمّة من أبنائه عليهمالسلام ؛ وإنْ كانوا نوراً واحداً ، وطينة واحدة. ولقد غضب الإمام الصادق عليهالسلام على مَن سمّاه أمير المؤمنين ، وقال : «مه ، لا يصلح هذا الاسم إلاّ لجدّي أمير المؤمنين».
فرووا أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله وقف على قبرها وصاح : «ابنك عليٌّ لا جعفر ولا عقيل». ولما سُئل عنه ، أجاب : «إنّ المَلكَ سألَها عمّن تُدين بولايته بعد الرسول ، فخجلت أنْ تقول ولدي» (١).
أمن المعقول أنْ تكون تلك الذات الطاهرة ، الحاملة لأشرف الخلق بعد النّبوّة بعيدة عن تلك التعاليم المُقدّسة؟! وهل في الدِّين حياء؟!
نعم ، أرادوا أنْ يزحزحوها عن الصراط السّوي ، ولكن فاتهم الغرض وأخطؤوا الرمية ؛ فإنّ الصحيح من الآثار ينصّ على أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله لمّا أنزلها في لحدها ، ناداها بصوت رفيع : «يا فاطمة ، أنا محمّدٌ سيّدُ وُلدِ آدمَ ولا فخر ، فإذا أتاك منكرٌ ونكيرٌ فسألاك : مَن ربّك؟ فقولي : اللّهُ ربّي ، ومحمّدٌ نبيِّي ، والإسلامُ ديني ، والقرآنُ كتابي ، وابني إمامي ووليّي». ثمّ خرج من القبر ، وأهال عليها التُّراب (٢).
__________________
(١) الفضائل لابن شاذان / ١٠٣ ، مستدرك الوسائل ٢ / ٣٤٢.
(٢) روضة الواعظين للنيسابوري / ١٤٢ ، بحار الأنوار ٧٨ / ٣٥١ ، ح ٢٢ عن مجالس الصدوق ، بشارة المصطفى للطبري / ٣٧٢.