قبل أن يأتيه البشير بالقميص ، فأذن لها ، فأتته بها ، ولذلك يستروح كلّ محزون بريح الصبا ، وقد أكثر الشعراء من ذكرها ، فمن ذلك قولهم :
فإنّ الصبا ريحٌ إذا ما تنسّمت |
|
على نفسِ مهمومٍ تجلّت همومها |
وقول أبي الصخر (١) الهذلي:
إذَا قُلتُ هذا حِينَ أسلُو يُهيجَنِي |
|
نَسِيمُ الصَّبَا مِن حَيثُ يَطَّلِعُ
الفَجرُ |
( لَولاَ أَنْ تُفَنِّدُونِ ) (٢) أي : تقولون إنّه شيخ قد هرم وخرف ، وذهب عقله ، ( قَالُوا تَاللهِ إنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ القَدِيمِ ) (٣) عن الصواب في حبّ يوسف عليهالسلام فإنّه كان عندهم أنّ يوسف قد مات منذ سنين ، ولم يريدوا الضلال عن الدين.
( فَلَمَّا أَن جَاءَ الَبشِيرُ ) وهو يهوذا ( ألقَاهُ عَلَى وَجهِهِ فَارتَدَّ بَصِيراً ) (٤). قال الضحّاك : عاد إليه بصره بعد العمى ، وقوّته بعد الضعف ، وشبابه بعد الهرم ، وسروره بعد الحزن. فقال للبشير : ما أدري ما اُثيبك [ به ] (٥) هوّن الله عليك سكرات الموت.
ولمّا قدموا أولاده عليه ( قَالُوا يَا أَبانَا استَغفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ ) (٦).
فقال لهم : ( سَوفَ أستَغفِرُ لَكُمْ رَبِّي إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (٧) ؛ قيل : إنّه لم
__________________
١ ـ كذا في المجمع ، وفي الأصل : منجب.
٢ ـ سورة يوسف : ٩٤.
٣ ـ سورة يوسف : ٩٥.
٤ ـ سورة يوسف : ٩٦.
٥ ـ من المجمع.
٦ ـ سورة يوسف : ٩٧.
٧ ـ سورة يوسف : ٩٨.