واستقام على الصدق من طاب خيمه (١) وصفا معينه ، وكانت ينابيع اُصوله ظاهرة ، لا تحرّكه الرياح العواصف ، كما قال صلوات الله عليه : لو ضربت خيشوم (٢) المؤمن بسيفي على أن يبغضني لما بغضني ، ولو صببت الدنيا بحذافيرها على المنافق أن يحبّني لما أحبّني ، وذلك عهد عهده إليّ رسول الله صلىاللهعليهوآله (٣) : لا يحبّك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق. (٤)
روى الحاتمي بإسناده إلى ابن عبّاس ، قال : دخل أسود على أمير المؤمنين عليهالسلام وأقرّ أنّه سرق ، فسأله عليهالسلام ثلاث مرّات ، فقال : يا أمير المؤمنين ، طهّرني فإنّي سرقت ، فأمر عليهالسلام بقطع يده ، فأخذ يمينه بشماله ومضى ، فاستقبله بن الكوّاء فقال : من قطع يدك؟
فقال : ليث الحجاز ، وكبش العراق ، ومصادم الأبطال ، المنتقم من الجهّال ، كريم الأصل ، شريف الفضل ، محلّ الحرمين ، وارث المشعرين ، أبو السبطين ، أوّل السابقين ، وآخر الوصيّين من آل يس ، المؤيّد بجبرائيل ، المنصور بميكائيل ، حبل الله المتين ، المحفوظ بجنود السماء أجمعين ، ذلك والله أمير المؤمنين على رغم الراغمين ـ في كلام له ـ.
فقال ابن الكوّاء : قلع يدك وتثني عليه!
قال : لو قطّعني إرباً إرباً لمل ازددت له إلا حبّاً ، فدخل ابن الكوّاء على
____________
١ ـ الخِيم : الشيمة والطبيعة والخُلُق والسجيّة ... والخِيم : الأصل. « لسان العرب : ١٢ / ١٩٤ ـ خيم ـ ».
٢ ـ الخيشوم : أصل الأنف.
٣ ـ كذا ، وفي النهج : وذلك أنّه قُضي فانقضى على لسان النبي الاُمّي صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ أنّه قال : يا علي ، لا يبغضك مؤمن ، ولا يحبّك منافق.
٤ ـ نهج البلاغة : ٤٧٧ حكمة رقم ٤٥ ، عنه البحار : ٣٩ / ٢٩٦ ح ٩٧.
وانظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٤ / ٨٣ ، عنه البحار : ٣٩ / ٢٩٥.