فإنّه والى أولياءك ، وعادى أعداءك ، وقطع فيك الأقربين ، ووصل الأبعدين.
ولمّا استقرّت لي الدار في حضرة سيّد الشهداء ، وطاب لي القرار في مقام خامس أصحاب الكساء ، أردت أن أسم حبيبي بميسم العبوديّة لشريف حضرته ، وأرقم اسمي في دفاتر أرقّاء خدمته ، واُعطّر المَجالس بنشر مناقبه ، واُسرّ المُجالس بذكر مراثيه ، فجمعت هذا الكتاب مع قلّة بضاعتي ، وركود قريحتي ، فكنتُ بإهدائه إلى عزيز جنابه كناقل التمر إلى هجر (١) ، ومهدي الحصى إلى الدرر ، وقد روى لساني عن قلبي ، ورقم بناني عن لبّي:
فارَقـتُ قـَومـاً دينهـُم |
|
نَـصبٌ وإلحـادٌ وكُفـرُ |
بذوي الفـسـوق بأرضِهِم |
|
سـوق وللـفُجّـارِ فجر |
لقَضائِهِم فـي هتـك دينِ |
|
المُـصْطَـفَى نابٌ وظَفرُ |
إن قلتُ عينـاً مـَن عليّ |
|
أظـهَرُوا حـِقْـداً وهرُّوا (٢) |
شبه الكِـلابِ إذَا عَـوَت |
|
فالشَّرُّ مِنْــهُـمْ مُسـْتَمِرُّ |
عُلمَاؤُهُـم عُلَـماءُ سـوءٍ |
|
طَبْعُـهُـمْ غَـدْرٌ ومَـكْرُ |
وَرجـالُـهُم بَــقَـرٌ إذا |
|
ذُكِرَ الوَصِـيُّ عتوا وفَرُّوا |
وَنِـساؤُهُم بالـغنـج كَمْ |
|
من زَاهِـدٍ فَتَـنُوا وغِرُّوا |
هـَذا وكَـمْ مَــنْـزِلةٌ |
|
بَعْدَ الغنى مِـنْهُـنَّ فَقْـرُ |
كَمْ لَيْـلَةٍ مـن هَـجْرِهِمْ |
|
أمْسىَ فؤَادِي فيـهِ جـَمرُ |
فَهَجَرْتُ مُنْصَرَفــي إذْ |
|
لِي لِسَـمع الهَـْجرِ وَقْـرُ |
وَحَثثْتُ رَحْليِ نَحْـوَ مَنْ |
|
هُوَ للنَّبِـيِّ أخٌ وصِـهْـرٌ |
____________
١ ـ أورد هذا المثل الميداني في مجمع الأمثال : ٢ / ١٥٢ رقم ٣٠٨٠ بهذا اللفظ : كَمُسْتَبضِعِ التَّمْرِ إلى هَجَرَ.
٢ ـ الِهرُّ : الاسم من قولك هَرَرْتُه هَرّاً أي كرهته. « لسان العرب : ٥ / ٢٦٠ ـ هرر ـ ».