وشرّدوهم عن بلادهم ، وقطعوهم عن موادّهم ، وجعلوا الجزع شعارهم ، والهلع دثارهم ، وتركوهم عماله يتكفكفون ، وحاملين لا يعرفون ، عباديد (١) في الأقطار ، ومتفرّقين في الأمصار ، قد اُخرجوا من ديارهم بغير حقّ الا أن يقولوا ربّنا الله (٢) ، واوذوا لاعتقادهم العصمة والصدق في أولياء الله لا ذنب لهم إلا حب أهل بيت نبيهم الأطهار ، وبغض أعدائهم الظلمة الفجّار ، الّذين خالفوا نبيك ، وهضموا وليّك ، واستحلّوا حقّه ، وأكذبوا صدقه ، وجحدوا نصّ النبي عليه ، ووجّهوا وجهة ظلمهم إليه ، ومنعوا الزهراء نحلتها ، واستصفوا بلغتها ، وخالفوا والدها ، وكذّبوا شاهدها ، وقتلوا ذرّيّتها بعدها.
اللهم فطوّقهم أطواق لعنتك ، واقرعهم بقوارع نقمتك ، وصبّ عليهم سوط عذابك ، وصخّ (٣) أسماعهم بصوت عقابك ، وارفع لنا عندك درجة ببغضهم ، وهيّئ لنا من أمرنا رَشداً (٤) ـ بغضهم ـ ولا تجعلنا فتنةً للقوم الظالمين ، ونجّنا برحمتك من القوم الكافرين (٥).
اللهمّ الحظ سلطاننا بعين عنايتك ، ونوّر نصره واحففه بملائكتك ، وافرغ عليه منك واقية باقية ، وثبّت له قدم صدق في معارج التوفيق راقية ، واجعل له من لدنك سلطاناً نصيراً ، واقسم له من مغانم ألطافك فضلاً كبيراً ، وردّ أعداءه بغيظهم لن ينالوا خيراً ( رَبَّنَا ءَاتِهِم ضِعفَينِ مِنَ العَذَابِ وَالعَنهُم لَعناً كَبِيراً ) (٦)
__________________
١ ـ عباديد وعباييد : أي متفرّقين. « لسان العرب : ٣ / ٢٧٦ ـ عبد ـ ».
٢ ـ إشارة إلى الآية : ٤٠ من سورة الحجّ.
٣ ـ الصاخّة : صيحة تصخّ الاُذن أي تطعنها فتصمّها لشدّتها ، ومنه سمّيت القيامة الصاخّة. « لسان العرب : ٣ / ٣٣ ـ صخخ ـ ».
٤ ـ إشارة إلى الآية : ١٠ من سورة الكهف.
٥ ـ إشارة إلى الآيتين : ٨٥ و ٨٦ من سورة يونس.
٦ ـ سورة الأحزاب : ٦٨.