يا ربّ إنّ مسـلماً أتاهم |
|
بمحكم التنزيل إذ دعاهم |
يتلو كتاب الله لا يخشاهم |
|
فرمّلوه رمّلـت لحـاهم |
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : الآن طاب الضراب ، ثم قال لابنه محمد بن الحنفيّة والراية في يده : يا بنيّ ، تزول الجبال ولا تزول ، عضّ على ناجذك ، أعر الله جمجمتك ، تد في الأرض قدميك ، ارم ببصرك أقصى القوم وغضّ بصرك ، واعلم أنّ النصر من عند الله (١) ، ثمّ صبر سويعة ، فصاح الناس من كلّ جانب من وقع النبال.
فقال أمير المؤمنين : تقدّم يا بنيّ ، وقال :
اطعن بها طعن أبيك تحمد |
|
لا خير في حـرب إذا لم توقد |
بالمشرفي والقـنا [ المسدّد |
|
والضرب بالخطيّ ] (٢) والمهنّد (٣) |
وروي أن امير المؤمنين عليهالسلام لمّا دفع الراية إلى ابنه محمد يوم الجمل وقال : تزول الجبال ولا تزول ـ الكلام المتقدّم ـ ، ثم قال : احمل ، فتوقّف محمد قليلاً ، فقال أمير المؤمنين : احمل.
فقال : يا أمير المؤمنين ، أما ترى السهام كأنّها شآبيب المطر؟
فدفع أمير المؤمنين في صدره وقال : أدركك عرق من اُمّك ، ثمّ أخذ عليهالسلام الراية منه وهزّها وأنشد الأبيات المتقدّمة ، ثم حمل عليهالسلام ، وحمل الناس خلفه ، ففرّق عسكر البصرة كما تتفرّق الغنم من سطوة الذئب ، ثمّ رجع
____________
١ ـ نهج البلاغة : ٥٥ خطبة رقم ١١ ، عنه البحار : ٣٢ / ١٩٥ ح ١٤٤ ، وج ١٠٠ / ٣٩ ح ٤١.
٢ ـ من المناقب.
٣ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٣ / ١٥٣ ـ ١٥٥ ، عنه البحار : ٣٢ / ١٧٢ ح ١٣٢.