والامتزاجات ، دسوا في التراب هامات رؤوسكم ، وامحوا اسطرلابكم وبطليموسكم ، فهذا هو العالم المطلق الّذي كشف الله له من حجب غيوبه كل مغلق وسقاه بالكأس الرويّة من عين اليقين ، وجمع فيه ما تفرّق في غيره من علوم الأوّلين والآخرين ، فقال سبحانه وهو أصدق القائلين : ( وَكُلََّ شَىءٍ أحصَينَاهُ فِي إمَامٍ مُبِينٍ ). (١)
اللّهمّ فبحقّ ما أوجبت له من فرض الطاعة على العامة والخاصة ، وجعلت له بعد نبيّك الرئاسه العامة والخاصة ، فصلّ على محمد وآل محمد وأرقمنا في دفاتر المخلصين من أرقّائه وخدمه ، واثبتنا في جرائد المطوقين بطوق العبوديّة لخدمة شريف حرمه ، إنّك علي كل شيء قدير.
ومنهم الحسّاب ، وكان صلوات الله عليه اعرف الصحابه بعلم الفرائض والحساب.
روي ابن ابي ليلي أنّ رجلين جلسا يتغدّيان في سفرٍ ومع أحدهما خمسة أرغفة ، ومع الآخر ثلاثة ، فمّر بهما ثالث فواكلاه ، فلمّا نهض أعطاهما ثمانية دراهم عوضاً عمّا أكل.
فقال صاحب الخمسة : أنا آخذ بعدد أرغفتي وخذ انت بعدد أرغفتك ، فأبي صاحب الثلاثة ، واختصما وارتفعا إلى أمير المؤمنين عليهالسلام.
فقال : هذا أمر فيه دناءة (٢) ، والخصومة فيه غير جميلة ، والصلح أحسن. فقال صاحب الثلاثة : لا اُريد إلا مرّ الحقّ والقضاء.
فقال عليهالسلام : إن كنت لا ترضي إلا بمرّ القضاء ، فإنّ لك درهم واحد
____________
١ ـ سورة يس : ١٢.
٢ ـ كذا في المناقب ، وفي الاصل : زيادة.