رأي لمن لا يُطاع! (١)
ومن كلام له في ذمّ أهل العراق :
أمّا بعد [ ـ يا أهل العراق ـ ] (٢) ، فإنّما أنتم كالمرأة الحامل ، حملت فلمّا أتمّت أملصت (٣) ، ومات قيّمها ، وطال تأيّمها (٤) ، وورثها أبعدها. أما والله ما أتيتكم اختياراً ، ولكن جئت إليكم سَوقاً. ولقد بلغني أنّكم تقولون : [ عليُّ ] (٥) يكذب ، قاتلكم الله تعالى! فعلى من أكذب؟ أعلى الله؟ فأنا أوّل من آمن به! أم على نبيّه؟ فأنا أوّل من صدّقه! كلّا ـ والله ـ ولكنّها لهجة غبتم عنها ، ولم تكونوا من أهلها. (٦)
وغير ذلك من مقاماته المشهورة ، ومكاناته المرموزة ، فبعداً لها من اُمّة شرت الضلالة بالهدى ، والعذاب المغفرة ، فما أصبرها على النار ، وأولاها بغضب الجبّار؟! ثم لم يجترئ أعلامها بغصب حقّه وتكذيب صدقه ، حتى أعلنوا بسبّه على منابرهم ، وتشادقوا بثلبه في منائرهم ، وأبى الله إلا أن يتمّ نوره ، ويجري في خلقه اُموره.
وأخفى الأعداء فضله حنقاً ، وكتم مدحه الأولياء فرقاً ، وظهر من بينهما ما طبق الآفاق ، وملأ الأوراق ، واستمرّت به الأزمان ، وسادت به الركبان ، وثبت على الحق من ثبّته الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة (٧) ،
____________
١ ـ نهج البلاغة : ٧٠ خطبة رقم ٢٧.
٢ و ٥ ـ من النهج.
٣ ـ أملصت : أسقطت ، وألقت ولدها ميّتاً.
٤ ـ قيّمها : زوجها. وتأيّهما : خلوّها من الأزواج.
٦ ـ نهج البلاغة : ١٠٠ خطبة رقم ٧١.
٧ ـ إشارة إلى الآية : ٢٧ من سورة إبراهيم.