وكذلك كان روح الله وكلمته المسيح بن مريم ، كان عليهالسلام كما وصفه أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين بقوله : كان يَلبَسُ الخشِن ، ويأكل الجشب (١) ، وكان إدامه الجوع (٢) ، وسراجه بالليل القمر ، وظلاله في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها ، تولم يكن له ولد يحزنه ، ولا زوجة تفتنه ، دابّته (٣) رجلاه ، وخادمه يداه. (٤)
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : والله ما تبع عيسى شيئاً من المساوئ قطّ ، ولا انتهر يتيماً (٥) قطّ ، ولا قهقه ضاحكاً قط ، ولا ذبّ ذباباً عن وجهه ، ولا أخذ على أنفه من شيء نتن قطّ (٦) ، ولا عبث قطّ. (٧)
وروي أنّه عليهالسلام مرّ برهطٍ ، فقال بعضهم لبعض : قد جاءكم الساحر ابن الساحرة ، والفاعل ابن الفاعلة ، فقذفوه باُمّه ، فسمع ذلك عيسى عليهالسلام ، فقال : اللهم أنت ربّي خلقتني ولم آتهم من تلقاء نفسي ، اللهم العن من سبّني ، وسبّ اُمّي ، فاستجاب الله له دعوته ، فمسخهم خنازير.
____________
١ ـ كذا في النج ، وفي الأصل : الحشيش ـ وهو تصحيف ـ.
طَعامٌ جَشِبٌ ومجشوبٌ : أي غليظ خَشِنٌ. وقيل : هو الذي لا اُدم له « لسان العرب : ١ / ٢٦٥ ـ جشب ـ ».
٢ ـ قال المجلسي رحمهالله : لعلّ المعنى أنّ الانسان إنّما يحتاج إلى الإدام لأنّه يعسر على النفس أكل الخبز خالياً عنه ، فأمّا مع الجوع الشديد فيلتذّ بالخبز ولا يطلب غيره ، فهو بمنزلة الإدام ، أو أنّه كان يأكل الخبز دون الشبع ، فكان الجوع مخلوطاً به كالإدام.
٣ ـ في النهج : وظلاله في الشتاء مشارق الارض ومغاربها ، وفاكهته وريحانه ما تنبتُ الأرض للبهائم ، ولم تكن له زوجة تفتِنُهُ ، ولا ولد يحزنُهُ ، ولا مال يلفِتُه ، ولا طمَعٌ يذلّه ، دابّته ...
٤ ـ نهج البلاغة : ٢٢٧ خطبة رقم ١٦٠ ، عنه البحارر : ١٤ / ٢٣٨ ح ١٦.
٥ ـ كذا في المجمع وفي الأصل : شيء.
٦ ـ كذا في المجمع ، وفي الأصل : ولا أخذ على نفسه من بين شيء قطّ.
٧ ـ مجمع البيان : ٢ / ٢٦٦ ، عنه البحار : ١٤ / ٢٦٣. وانظر : عرائس المجالس : ٣٩٨.