الصيف ، خلاف ما جردت به العادة ، فسألها عن ذلك فيقول : « أنّى لك هذا »؟ فتقول : من رزق الله. (١)
فعندها دعا الله سبحانه ، كما قال سبحانه : ( إِذ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً ) (٢) أي دعا ربّه سرّاً غير جهر يخفيه في نفسه لا يريد به رياء ، وفي هذا دلالة على أنّ المستحبّ في الدعاء الإخفاء ، فإنّه أقرب إلى الاجابة.
وفي الحديث : خير الدعاء الخفيّ ، وخير الرزق ما يكفي.
وقيل : إنّما أخفاه لئلّا يهزأ به الناس فيقولوا : انظروا إلى هذا الشيخ سأل الولد على الكبر. (٣)
قال ابن عبّاس : كان عمر زكريّا حين طلب الولد عشرين ومائة سنة ، وكانت امرأته ابنة ثمان وتسعين سنة. (٤)
فأوحى الله إليه : ( يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسمُهُ يَحيَى لَمْ نَجعَلْ لَهُ مِن قَبلُ سَمِيّاً ) (٥) أي لم نسمّ أحداً قبله بهذا الاسم.
وكذلك الحسين عليهالسلام لم يسم أحد قبله باسمه.
وكان قاتل يحيى ولد زنا ، وكذلك قاتل الحسين عليهالسلام كان ولد زنا.
وحمل رأس يحيى بن زكريّا إلى بغيّ من بغايا بني إسرائيل.
وكذلك حمل رأس الحسين إلى نجل بغيّة من بغايا قريش ، ولم تبك
____________
١ ـ إشارة إلى الآية : ٣٧ من سورة آل عمران.
٢ ـ سورة مريم : ٣.
٣ ـ مجمع البيان : ٣ / ٥٠٢.
٤ ـ مجمع البيان : ١ / ٤٣٩ ، وفيه : يوم بشّر بالولد.
٥ ـ سورة مريم : ٧.