وكان أمير المؤمنين في تلك الحال ابن عشرين سنة ، فأقام صلوات الله عليه بمكّة حتى أدّى أمانات رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأدّى إلى كل [ ذي ] (١) حقّ حقّه ، ثمّ عزم صلوات الله عليه على الهجرة.
فكان ذلك دلالة على خلافته وإمامته وشجاعته ، وحمل نساء النبيّ صلىاللهعليهوآله بعد ثلاثة أيّام ، وفيهنّ عائشة ، فله المنّة على أبي بكر بحفظ ولده ، ولعليّ عليهالسلام المنّة عليه في هجرته ، وعليّ ذو الهجرتين والشجاع هو الثابت (٢) بين أربعمائة سيف ، وإنّما أباته النبي على فراشه ثقة بنجدته ، فكانوا محدقين به إلى طلوع الفجر ليقتلوه ظاهراً ، فيذهب دمه بمشاهدة بني هاشم بأنّ قاتليه من جميع القبائل. (٣)
وقد ذكرنا رؤساءهم الذين اجتمعوا لقتله قبل ذلك.
وروي أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام لمّا عزم على الهجرة قال له العبّاس : إنّ محمداً ما خرج إلا خفية ، وقد طلبته قريش أشدّ طلب ، وأنت تخرج جهاراً في أثاث وهوادج ومال ونساء ورجال تقطع بهم السباسب (٤) والشعاب من بين قبائل قريش ما أرى لك أن تمضي الا في خُفارَة (٥) خزاعة.
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام :
____________
١ ـ من المناقب.
٢ ـ في المناقب : والشجاع البائت.
٣ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ٥٨ ـ ٥٩ ، عنه البحار ٣٨ / ٢٨٩ ـ ٢٩١.
٤ ـ السباسب : جمع السبسُب : المَفازة أو الأرض المستوية البعيدة. « القاموس المحيط : ١ / ٨١ ـ سَبّه ـ ».
٥ ـ خَفيرُ القوم : مُجيرهم. « المحيط في اللغة : ٤ / ٣٣١ ـ خفظ ـ ».