بكر فيها ، أقوى دليل على عدم إيمانه ، وقوّة يقينه صلىاللهعليهوآله ، ورباط جأشه ، وقد أشرك الله المؤمنين مع رسوله في السكينة في هذه السورة وغيرها بقوله : ( فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ ) على رسوله والمؤمنين ، وأنزل جنوداً لم تروها ، وفي سورة إنّا فتحنا : ( فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلى المُؤمِنِينَ وَأَلزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقوَى ) (١) الآية. (٢)
وقد ردّ رسول الله صلىاللهعليهوآله هند وعبد الله بن فُهيرة حين أوصلاه إلى الغار ، وحبس أبي بكر لعلمه برباط جأشهما ، وشدّة يقينهما ، وقوّة إيمانهما ، وانّهما لو قتلا ما أخبرا بمكان رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وحبس أبا بكر عنده خوفاً على نفسه منه ، لأنّه كان قد علم أوّلاً بعزم الرسول ، وخاف إن اذن له كما أذن لهما أن تعلم قريشاً بمكانه فيخبرهم به إمّا رهبة أو نفاقاً.
وقد روى أبو المفضّل الشيباني بإسناده عن مجاهد ، قال : فخرت عائشة بأبيها ومكانه مع رسول الله صلىاللهعليهوآله في الغار ، فقال لها عبد الله بن شّاد بن الهاد : فأين أنتِ من علي بن أبي طالب حيث نام [ في ] (٣) مكانه وهو يرى أنّه يقتل؟ فسكتت ولم تجد جواباً.
وشتّان بين قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشرِي نَفسَهُ ابتِغَاءَ مَرضَاةِ اللهِ ) (٤) وبين قوله : ( لَا تَحزَن إنَّ اللهَ مَعَنَا ) (٥) وكان النبي صلىاللهعليهوآله يقوّي قلبه ، ولم يكن مع عليّ أحد يقوّي قلبه ، وهو لم يصبه وجع ، وعليّ كان
__________________
١ ـ سورة الفتح : ٢٦.
٢ ـ مجمع البيان : ٣ / ٣١ ، عنه البحار : ١٩ / ٣٣.
٣ ـ من المناقب.
٤ ـ سورة البقرة : ٢٠٧.
٥ ـ سورة التوبة : ٤٠.