تلقّاه زياد بن لبيد وفروة بن عمرو في رجال من بني بياضة ، فقال كذلك ، ثمّ اعترضه سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو في رجال من بني ساعدة ، ثمّ اعترضه سعد بن الربيع وخارجة بن زيد وعبد الله بن رواحة في رجال من بني الحارث ، فانطلقت حتى إذا وازت دار بني مالك بن النجّار بركت على باب مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهو يومئذ مِربَد (١) لغلامين يتيمين من بني النجّار ، فلمّا بركت ورسول الله لم ينزل وثبت وسارت غير بعيد ورسول الله صلىاللهعليهوآله واضع لها زمامها لا يثنيها به ، ثم التفّت إلى خلفها فرجعت إلى مبركها أوّل مرّة فبركت ، ثمّ تجلجلت (٢) ورزمت ووضعت جرانها ، فنزل صلىاللهعليهوآله عنها ، واحتمل أبو أيّوب رحله ووضعه في بيته ، ونزل رسول الله في بيت أبي أيّوب وسأل عن المربد فاُخبر انّه لسهل وسهيل يتيمين لمعاذ بن عفراء ، فأرضاها معاذ ، وأمر النبي صلىاللهعليهوآله ببناء المسجد ، وعمل رسول الله صلىاللهعليهوآله بنفسه ، وعمل فيه المهاجرون والأنصار ، وأخذ المسلمون يرتجزون وهم يعملون ، فقال بعضهم :
لئن قعدنا والنبيّ يعمل |
|
لذاك منّا العمل المضلّل |
____________
١ ـ كذا في المناقب ، وفي الأصل : مزيد. وكذا في المواضع التالية.
والمريد : موضع الإبل.
٢ ـ كذا في المناقب ، وفي الأصل : تخلخلت.
وتجلجلت : أي تخاضعت وتضعضعت. وما في الأصل لعلّه : تحلحلت ـ وهو الموافق لما في سيرة ابن إسحاق ، ومعناه : تحرّكت.
قال ابن الأثير في النهاية : ٤ / ٢٣٩ : « ثم تَلَحلَحَت وأرزَمَت ، ووَضَعت جِرانَها » تَلَحلَحَت : أي أقامَت وَلَزِمَت مكانها ولم تَبرح ، وهو ضدّ تَحَلحَل.
وقال في ج ٢ / ٢٢٠ : « وأرزمت » أي صَوّتَت ، والإرزام : الصوت لا يفتح به الفَمُ ، و « ناقة رازم » هي التي لا تتحرّك من الهزال.
والجران باطن العنق ؛ وقيل : مقدّمه.