يلقونك به من البشارة أفضل لك (١) ، ثم استعبر واستعبرت معه ، فقال : الحمد لله الذي فضّلنا على خلقه بالرحمة ، وخصّنا أهل البيت بالرحمة.
يا مسمع ، إنّ السماوات والأرض لتبكي منذ قتل أمير المؤمنين رحمة لنا ، ومن يبكي لنا من الملائكة أكثر منكم ، وما رقأت دموع الملائكة منذ قتلنا ، وما بكى أحد رحمة لنا ولما لقينا إلا رحمهالله قبل أن تخرج الدمعة من عينه ، فإذا سالت دمعته (٢) على خدّه فلو أنّ قطرة من دموعه سقطت في جهنّم لأطفأت حرّها ، حتى لا يوجد لها حرارة ، وإن الموجع قلبه لنا ليفرح يوم يرانا عند موته فرحة لا تزال تلك الفرحة في قلبه حتى يرد علينا لاحوض ، وإنّ الكوثر ليفرح بمحبّينا إذا وردوا عليه (٣).
يا مسمع ، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً ، ولم يستق بعدها أبداً ، وهو في برد الكافور ، وريح المسك ، وطعم الزنجبيل ، أحلى من العسل ، وألين من الزبد ، وأصفى من الدمع ، وأذكى من العنبر ، يخرج من تسنيم ، ويمرّ في أنهار الجنان ، يجري على رضراض (٤) الدرّ والياقوت ، فيه من القدحان أكثر من عدد نجوم السماء ، يوجد ريحه من مسيرة ألف عام ، قد حانه من الذهب والفضّة وألوان الجواهر ، وما عين (٥) بكت لنا إلا نعمت بالنظر إلى الكوثر وسقيت منه (٦) ،
__________________
١ ـ زاد في الكامل : ولملك الموت أرقّ عليك وأشدّ رحمة لك من الاُمّ الشفيقة على ولدها ، قال.
٢ ـ في الكامل : دموعه.
٣ ـ في الكامل : وإنّ الكوثر ليفرح بمحبّنا إذا ورد عليه حتى انّه ليذيقه من ضروب الطعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه.
٤ ـ الرضراض : الحصى أو صغارها.
٥ ـ في الكامل : وما من عين.
٦ ـ زاد في الكامل : من أحبّنا ، وإنّ الشارب منه ليُعطى من اللذّة والطعم والشهوة له أكثر ممّا يعطاه من هو دونه في حبّنا.