وهذا يدلّ على أنّ الخصم لا ينبغي أن يلقن حجّة.
ولمّا ذهبوا به أخرجوه عن يعقوب مكرّماً ، فلمّا وصلوا إلى الصحراء أظهروا له العداوة وجعلو يضربونه وهو يستغيث بواحد واحد منهم فلا يغيثه ، وكان يقول : يا أبتاه ، فهمّوا بقتله ، فمنعهم يهوذا ـ وقيل : لاوي ـ فذهبوا به إلى الجبّ ، فجعلوا يدلونه فيه وهو يتعلّق بشفيره ، ثمّ نزعوا عنه قميصه وهو يقول : لا تفعلوا ، ردّوا عليّ القميص أتوارى به.
فيقولون : ادع الشمس والقمر والأحد عشر كوكباً يؤنسنك (١) ، فدلّوه في البئر حتى إذا بلغ نصفها فألقوه إرادة أن يموت وكان في البئر ماء فسقط فيه ، ثمّ آوى إلى صخرة فيها فقام عليها ، وكان يهوذا يأتيه بالطعام.
وقيل : وكّل الله به ملكاً يحرسه ويطعمه.
وقيل : إنّ إبراهيم عليهالسلام لمّا اُلقي في النار عرياناً أتاه جبرئيل عليهالسلام بقميص من حرير الجنّة فألبسه إيّاه ، فكان ذلك القميص عند إبراهيم عليهالسلام ، فلمّا مات ورثه إسحاق ، فلمّا مات إسحاق ورثه يعقوب ، فلمّا شبّ يوسف جعل يعقوب ذلك القميص في تعويذ وعلّقه في عنق يوسف ، فكان لا يفارقه ، فلمّا اُلقي في البئر عرياناً جاء جبرئيل وكان عليه ذلك التعويذ ، فأخرج منه القميص وألبسه إيّاه.
قيل : وهو القميص الذي وجد يعقوب ريحه لمّا فصلت العير من مصر ، وكان يعقوب بفلسطين فقال : ( إنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ) (٢).
وفي كتاب النبوّة ، عن الحسن بن محبوب ، عن الحسن بن عمارة ، عن
__________________
١ ـ كذا في المجمع ، وفي الأل : والإحدى عشر كوكباً تؤنسك.
٢ ـ سورة يوسف : ٩٤.