وبالرغم من هذه المنزلة التي كان يتمتع بها يعقوب إلا أن المهدي كان حذراً منه لا سيما بعد ان كثرت السعايات به من قبل موالي المهدي فقد أورد الطبري خبراً مفاده أن المهدي أراد أن يختبر يعقوب بن داود وميله إلى العلويين فطلب منه أن يقتل أحد أولاد علي ودس له جارية لتتعرف خبره فلم يفِ يعقوب بما طلب منه فغضب عليه المهدي وحبسه وظل في الحبس حتى زمن الرشيد (١).
ولم يخرج أحد من الزيدية في أيام المهدي ما عدا علي بن العباس ابن الحسن فقد قدم بغداد ودعا الى نفسه سرا فتبعه جماعة من الزيدية ولما علم المهدي بخبره حبسه فلم يزل في الحبس حتى استوهبه من المهدي الحسين بن علي بن الحسن فوهبه له (٢).
ولكن الأصفهاني يذكر أن المهدي حينما أخرج علي بن الحسين من السجن دس له سماً « فل يزل ينتقض عليه حتى قدم المدينة فتفسخ لحمه وتباينت أعضاؤه فمات » (٣).
أما عيسى بن زيد فكان ورعاً ديناً كثير العلم راوية للحديث ، وقد خرج عيسى بن زيد مع محمد النفس الزكية « وجمع إليه وجوه الزيدية وكل من حضر معه أهل العلم » (٤).
وقد اختفى عيسى بن زيد بعد مقتل محمد ولم يظفر به المهدي (٥).
واستمرت الزيدية على السير في طريق الثورة فلما ولي الهادي الخلافة سنة ١٦٩ هـ ، اتبع سياسة الشدة مع العلويين خلافاً للسياسة التي اتبعها أبوه ، فقد « ألح في طلب الطالبيين وأخافهم خوفاً شديداً وقطع ما كان المهدي يجريه لهم في الأرزاق والأعطية وكتب إلى الآفاق في طلبهم وحملهم » (٦).
__________________
(١) الطبري : تاريخ الرسل والملوك ج ١٠ ص ٥ ، الجهشياري ص ١٦٠ ، العيون والحدائق ص ٢٧٦.
(٢) الأصفهاني : مقاتل الطالبيين ٤٠٣.
(٣) ن. م ص ٤٠٣.
(٤) ن. م ص ٤٠٧.
(٥) ن. م ص ٤٠٨.
(٦) اليعقوبي : التاريخ ج ٣ ص ١٣٧.