تدعونهم من دون الله ليعاونوكم على الإتيان بالعشر السور المماثلة للقرآن من فحول الكتاب ومصاقع الخطباء وعلماء أهل الكتاب العارفين أخبار الأنبياء ، فاعلموا أنما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم بمقتضى علم الله وإرادته أن يبلغه لعباده على لسان رسوله ولا يقدر عليه محمد ولا غيره ممن تدّعونه زورا أنهم أعانوه ، لأنه من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا من أعلمه الله به.
(وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أي واعلموا أنه لا إله يعبد بحق إلا هو ، إذ من خصائص الإله أن يعلم ما لا يعلمه غيره ، وأن يعجز من عداه عن مثل ما يقدر عليه.
(فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) أي فهل أنتم بعد أن قامت عليكم الحجة داخلون فى الإسلام الذي أدعوكم إليه بهذا القرآن ، مؤمنون بما فيه من عقائد ووعد ووعيد وأحكام وحكم وآداب.
والخلاصة ـ إنه لم يبق لكم بعد أن دحضت شبهتكم وانقطعت معاذيركم إلا جحود العناد وإعراض الاستكبار ، والعاقل المنصف لا يرضى لنفسه بمثل هذا دعاء المشركين.
افتراء النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن
افتراء القرآن يشمل ناحيتين :
(١) افتراء فى جملته بإسناده إلى الله ادعاء أنه من كلامه أوحاه إليه.
(٢) افتراء أخبار الغيب التي يدّعى أنها من عند الله ولا يعلمها إلا هو وبها استدل على نبوته ، وقد حكى الله عنهم ادعاء الأمرين فى سورة الفرقان بقوله : «وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا : إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً. وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً».
وأساطير الأولين : هى قصصهم وأكاذيبهم التي سطروها ، وكانت العرب تسلّى نفسها عن جهلها بالأديان والتواريخ بزعمهم أنها أساطير الأولين.